Page 13 - m
P. 13

‫افتتاحية ‪1 1‬‬

    ‫معجزة الإسراء والمعراج‬                                           ‫المعبود الأساسي هناك‪.‬‬
                                                   ‫كان وسي ًطا بين آلهة الخير والشر‪ .‬وتقص‬
    ‫كلمة (أسرى) وردت على هذا الشكل في‬
   ‫القرآن في ثلاثة مواضع‪ ،‬اثنتان في سورة‬              ‫أسطورته أنه عاصر ثلاثة صراعات بين‬
 ‫الأنفال بمعنى الأسرى‪ ،‬أي أسرى الحروب‬                 ‫الخير والشر‪ ،‬متماثلة من حيث المبدأ مع‬
   ‫الذين يتم القبض عليهم واحتجازهم‪« :‬ما‬
    ‫كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن‬                    ‫تغير في المتصارعين بحسب زمن كل‬
 ‫في الأرض”‪ ،‬و”أيها النبي قل لمن في أيديكم‬         ‫أسطورة‪ .‬في المعركة الأولى كان الصراع بين‬
 ‫من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خي ًرا”‪،‬‬        ‫الإله رع وأبيب‪ ،‬والثانية بين حيرو‪-‬بيخوتت‬
   ‫ومرة واحدة بمعنى السير في الآية الأولى‬
   ‫من سورة الإسراء “سبحان الذي أسرى‬                   ‫وست‪ ،‬والصراع الثالث بين حورس ابن‬
   ‫بعبده لي ًل من المسجد الحرام إلى المسجد‬           ‫أوزوريس وست‪ .‬وفي كل تلك الصراعات‬
  ‫الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا‬            ‫كان الإله الأول يمثل “النظام” في الكون‪،‬‬
‫إنه هو السميع البصير”‪ .‬وهي الآية الوحيدة‬
‫في القرآن التي يستند إليها ال ُّش َّراح في إثبات‬        ‫والمصارع الثاني يمثل قوى العشوائية‬
                                                      ‫وضياع النظام‪ .‬وكان عندما يصاب أحد‬
                 ‫معجزة الإسراء والمعراج‪.‬‬             ‫المتصارعين بإصابة خطيرة‪ ،‬عندئذ يقوم‬
  ‫واللافت أن موضوع (المعراج) لم يذكر في‬
  ‫القرآن صراحة بلفظه كما ذكر (الإسراء)‪،‬‬                  ‫تحوت بمعالجته ليستطيع العودة إلى‬
‫وإنما يستند الشراح إلى قوله تعالى «ما كذب‬               ‫المعركة‪ ،‬بحيث لا يغلب أحدهما الآخر‪.‬‬
‫الفؤاد ما رأى” (النجم‪ )11 :‬لإثباته‪ ،‬وهو ما‬           ‫وفي أسطورة إيزيس وأوزوريس‪ .‬بعد أن‬
                                                     ‫قامت إيزيس بجمع أشلاء أوزوريس من‬
                          ‫سنتوقف عنده‪.‬‬             ‫أنحاء مصر تحت فعل ست‪َ ،‬أ َس َّر تحوت لها‬
‫‪ -‬في تفسير القرطبي للآية الأولى من سورة‬           ‫بكلمات لتستطيع بعثه من جديد‪ ،‬وأن تنجب‬
                                                     ‫منه (بعد مماته) ابنهما حورس‪ .‬ثم قامت‬
  ‫الإسراء المذكورة‪ ،‬يث ُب ُت أن ثمة خلا ًفا بين‬      ‫معركة بين حورس (المنتقم لأبيه) وست‪،‬‬
 ‫الأولين في موضوع الإسراء ‪-‬رغم اتفاقهم‬            ‫وفقد حورس في ذلك الصراع عينه اليسرى‪،‬‬
 ‫على حدوثه‪ -‬إن كان حقيقة أم رؤيا‪“ :‬فأما‬                  ‫ولكن استشارة تحوت أعطته الحكمة‬
 ‫المسألة الأولى‪ :‬وهي هل كان إسرا ًء بروحه‬         ‫والمعرفة لمعالجتها واسترجاعها‪ .‬فكان تحوت‬

     ‫أو جسده‪ ،‬اختلف في ذلك‬                                  ‫هو الإله الذي ينطق بإرادة رع(‪.)5‬‬
      ‫السلف والخلف‪ ،‬فذهبت‬
  ‫طائفة إلى أنه إسراء بالروح‪،‬‬
 ‫ولم يفارق شخصه مضجعه‪،‬‬
    ‫وأنها كانت رؤيا رأى فيها‬
  ‫الحقائق‪ ،‬ورؤيا الأنبياء حق‪.‬‬
‫ذهب إلى هذا معاوية وعائشة‪،‬‬
      ‫وحكي عن الحسن وابن‬
   ‫إسحاق‪ .‬وقالت طائفة‪ :‬كان‬
‫الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت‬
 ‫المقدس‪ ،‬وإلى السماء بالروح‪،‬‬
‫واحتجوا بقوله تعالى‪ :‬سبحان‬
    ‫الذي أسرى بعبده لي ًل من‬
   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18