Page 82 - m
P. 82
العـدد 59 80
نوفمبر ٢٠٢3
نبيهة محضور
(اليمن)
ثورة
تشعرني بأنوثتي التي ما خلقت إلا لك. تلك الليلة لم تكن كسابقاتها الباهتة ،الباردة برود
انوثتي التي ُذبحت تحت أنقاضك ..في أول ليلة الثلج ،ليا ٍل بلا ملامح ،بلا ألوان ،وحده النوم
ولجت فيها مملكتك التي اختارها لي (والدا َّي) اللذان
كانا فرحين بجرامات الذهب التي زينوا بها نحري، الذي كان ينقذني من حياة ب ُّت أمقتها ..أرفضها..
خاصرتي ،جبيني و ..و ..و ،جرامات الذهب تلك أحتقرني لأنني أعيشها ،كان النوم الملاذ الوحيد
التي زينت جسدي ،لم تستطع تزيين وجهك الذي الذي أرتمي بين أحضانه ،بعد عناء لي ٍل كنت فيه
رسم الزمان عليه أخاديده العميقة ،وقتها تحطمت مجرد جسد مسلوب الإرادة ،ليس من حقه حتى أن
أحلامي كزجاج متناثر ،وأنا أرى فارس أحلامي
الذي انتظرته كثي ًرا ،يكبر والدي الأربعيني بعشرات يتأوه تحت سياط جلاده.
السنين ،يا له من فارس َه ِرم ،لم يعد يقوى حتى لطالما حلمت بذلك الثوب الأبيض والفارس الذي
على اعتلاء فرسه ،تقيأت أحلامي على شفتيك التي سيحملني على صهوة جواده ،يلج بي إلى مملكته
لأعتلي عرشها ،مملكته التي لن تكون إلا لي وحدي،
كانتا تستران بقايا عظيمات مهتزة.
ها هي ذي سنتان من عمري جعلتني أكثر أبذر بذورها ،أقطف ثمارها ،استنشق عبير
شيخوخة منك ،تتعالى أنفاسي كلما اشتممت رائحة أزهارها.
جسدك الذي ما هو إلا بقايا رجل يشتري بأمواله
نلهو في رياضها أنا وأنت ،يعانق عشبها الأخضر
أجساد فاتنات ليلهو بها. جسدينا حين نرتمي بين أحضانه ،ظلت تراودني
هذه الليلة اشتقت أن أكون أنثى ،صوتك عاد صورتك كل ليلة من ليالي ربيع عمري ،احتضنتك
يناديني من جديد ،يدندن في أذني «يا أحلى امرأة
بين نساء الكون ..أحبيني” ،نظرت في وجه مرآتي في خيالي.
المهجورة ،ما زلت جميلة ،صغيرة ،تذكرت أنني أبحرنا م ًعا ،غصنا في وجدان الشوق ،حلَّقنا فوق
لم اتجاوز العشرين بعد ،ارتديت ذلك الثوب الذي
راقصتني فيه ذات حلم ،أطلقت سراح شعري الغيمات ،ناجينا القمر في مساءاتنا العاصفة.
ليتدفق كشلال على كتفي ،ظهري ،عطري الذي كنت أسمع تراتيل قلبك ،همسات فؤادك ،أحب تلك
هجرته منذ مدة طويلة ،يشتاق لفك وثاقه ،نثرت اللحظة التي تطوقني فيها ذراعاك وأنت تراقصني،
رذاذه على جسدي ،اشتعلت أنوثتي الثائرة لتطفئها
أستنشق فيها عبير أنفاسك ،حرارة قبلاتك ،التي
برودة شيخوختك. تجعل جسدي يرتعش شو ًقا وأنت تهمس لي:
“زيديني عش ًقا زيديني يا أحلى نوبات جنوني
زيديني” ،فيزداد عشقي لك ساعة بعد ساعة ويو ًما
بعد يوم.
ليا ٍل كانت الأجمل والأدفأ بوجودك فيها ،ليا ٍل كنت