Page 79 - m
P. 79
77 إبداع ومبدعون
القصة
الزهزهة».
تبتسم وتستمع لجدتها وأخواتها ،وتقوم بصمت
إلى البحر.
تمر إلى جانب أخوانها ،وهم يشوون السمك على
المنقل .تتعالى أصواتهم بالحديث عن السياسة
وذكريات الحرب والانتفاضة ،ساخرين من
حالهم وجمرات النارجيلة ،وسحبها تتراقص على
ضحكاتهم.
تمر وسط دخانهم دون أن يلمحها أحد منهم،
كأنه البحر يهديها تعويذته ،بأن تختفي عن أنظار
الجميع ،ويحملها إليه كعروس بحر.
تتعثر بطفل في السابعة من عمره ،ينتظر الموجة
على حافة الشاطئ ،ليقفز عاليًا سعي ًدا وهو
مبلل وسرواله يسحل عن مؤخرته ،بينما يلعب
بالأصداف والرمال ويلقيها على أخيه .كل منهما
يلحق بالآخر ويرميه بالرمال ،في عيونهما
بداية الحياة وبراءة الطفولة ،يغضبان بسرعة،
ويتراضيان بسرعة أكبر ويعودان للعب من جديد.
تبتسم لهما ،تمسح على رأسهما ،وتواصل السير.
تتأمل طف ًل في الرابعة من عمره يركض عار ًيا،
فر ًحا بحريته التي تخبره عنها طفولته حين يطير
مسر ًعا إلى حضن أمه التي تنتظره بلهفة ،ليبتل
بموجة البحر ،يقفز بين ذراعيها محتميًا بدفئها من
سر بحر ،لم تخبره عنه سنواته الأربع بعد.
مجموعة من الشباب ،تحرق الشمس ظهورهم،
تضرب أياديهم بأوراق الشدة على الأرض بقوة،
تنتظر الفوز ،لا يمتلكون مظلة يحتمون بها من
حرارة الشمس.
يلتفت شاب بعد أن لف رقبته باتجاهها ،يغازلها من
مكانه ،وأوراق شدته بيده.
على مسافة من هؤلاء الشباب حمار يغتسل بمياه
البحر من عناء يومه ،بعد أن تحمل مشقة نقل
الناس على كارته ،وما يضحك أن حتى الحمار ،له
مكا ٌن في هذا البحر وهذا الشاطئ ،ويغتسل كما
الجميع بمياهه المالحة.
طفلتان تختاران ألوا ًنا مختلفة لتلوين شفاههما
بصباغ البرد ،تتشاجران أيهما تشتري الأحمر،
ومن تشتري الأصفر ،ملابسهما مبتلة ،كل منهما
ترتدي بنطا ًل وقمي ًصا ،هما أختان تموج خصلات