Page 83 - m
P. 83

‫‪81‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة‬

                                                        ‫فهد اولاد الهاني‬

                                                                         ‫(المغرب)‬

                                                      ‫الدفين اللذيذ‬

 ‫في فصل الصيف‪ ،‬وعلى شاطئ َم ْر ِتين حيث يطيب‬
 ‫لعائلتي الصغيرة الاصطياف‪ ،‬كن ُت مسترخيًا على‬
 ‫كرسي خشبي أحمل بيدي هاتفي الخلوي‪ ،‬وأُوزع‬

     ‫نظري بين شاشته الزرقاء وزرقة البحر الذي‬
    ‫تشكو أعما ُقه من تخمة الآمال المفقودة؛ وفجأة‬
   ‫‪-‬ومن دون تحية‪ -‬جلس أح ُدهم بجانبي بعدما‬
  ‫غرس مظلته في الرمل‪ .‬لم أكن أعرفه إطلا ًقا؛ لكن‬
‫ما حوله من عيا ٍل يشير إلى أنه من أشهر ممارسي‬
   ‫رياضة الإنجاب‪ ،‬فهو بالرغم مما يظهر عليه من‬
   ‫فقر وفاقة إلا أنه غمر زوجته بحبه الهائج الذي‬
‫أنهك جسدها النحيل ووأ َد ما بقي من آثار الصحة‬
     ‫في جسمها‪ .‬نظر ُت إليه في خفاء حتى أكتشف‬
   ‫طبيعة الجار الذي نزل بجانبي‪ ،‬فإذا به يكتشف‬
 ‫حيلتي ويرد عليَّ بسيل من النظرات الصارمة‪ ،‬ثم‬
    ‫ما لبث أ ْن أخرج من قفته الزرقاء شيئًا أخضر‬
    ‫اللون‪ ،‬أسطواني الشكل‪ ،‬ثقيل الوزن‪ .‬تحسسه‬
‫بيديه وهو يتبادل ابتسامة صامتة مع أفراد عائلته‪.‬‬
 ‫نظر إل َّي من جديد‪ ،‬تأكد من الذي على يمينه‪ ،‬وعلى‬
‫يساره فعل نفس الشيء‪ ،‬وبعد ذلك حمل على كتفه‬
 ‫الأيمن ما أخرجه من قفته‪ ،‬وتقدم به كميت يشيع‬
    ‫إلى مثواه الأخير في موك ٍب فردي تتبعه نظرا ٌت‬
 ‫متلذذة‪ .‬انتابني شي ٌء من فضول فأرسل ُت بصري‬
    ‫خلفه لعلني أفهم ما يحدث‪ .‬أما هو فقد دنا من‬
‫موج البحر وحفر بيديه حفرة ثم أهال على ملذوذه‬
     ‫التراب‪ .‬لقد ترك دفينه للموج الذي ظل يلطمه‬
    ‫بمياهه الباردة‪ ،‬في حين كانت أفواه عياله تلوك‬
 ‫الهواء منتظرة مبعث الدفين ِب َنه ٍم عند وقت الغذاء‪.‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88