Page 298 - merit 47
P. 298

‫العـدد ‪47‬‬                         ‫‪296‬‬

                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫حضرة الشارع‬

‫معنى (حضرة) لغو ًّيا لقب احترام‬                       ‫أحمد ثروت‬                    ‫محمد المنسي قنديل‬
‫وتشريف‪ ،‬وهو تعبير عن المكانة‪.‬‬
‫وهى أي ًضا تعنى الحضور وقرب‬                 ‫لقد كان المكان فى رواية “فى‬       ‫فيه الشخصيات أو تقيم فيه‪،‬‬
                                       ‫حضرة الشارع الطويل” مطبو ًعا‬         ‫فتنشأ بذلك علاقة متبادلة بين‬
                        ‫الشيء‪.‬‬                                            ‫الشخصيات والمكان‪ ،‬وهى علاقة‬
   ‫و(الحضرة) مصطلح إسلامي‬                ‫عليه أثر الزمن‪ ،‬ففي الكثير من‬       ‫ضرورية تمنح العمل الروائى‬
‫صوفي ويطلق عليه مجالس الذكر‬                 ‫الأعمال الأدبية نجد العلاقة‬      ‫خصوصيته‪ ،‬ومن ثم يكتسب‬
   ‫الجماعية‪ ،‬وعلى رأسها يتواجد‬
                                       ‫وطيدة بين الزمن وملامح الناس‪،‬‬                ‫المكان دلالته الخاصة‪.‬‬
      ‫شيخ عارف‪ ،‬وتعرف بأنها‬                ‫فالأماكن تتبدل بتغير البشر‪،‬‬    ‫فى حضرة الشارع الطويل أضفى‬
‫حضور القلب مع الرب‪ ،‬وحضرة‬
 ‫الأرواح وحضرة الأسرار‪ ،‬وهى‬              ‫لكن فى الرواية قيد الدراسة أثر‬       ‫الكاتب على الجمادات الروح‪،‬‬
‫نوع من الذكر الجماعي‪ .‬فما الذى‬         ‫الزمن مثبت على المكان‪ ،‬حتى أننا‬      ‫ولكن هذه الروح لم تكن رو ًحا‬
                                       ‫نستطيع قراءة الزمن من وجهات‬          ‫متفردة‪ ،‬ولكنها نفث من أرواح‬
   ‫أراد الكاتب توصليه بالعنوان؟‬
   ‫هل هو تكريم وتقديس ومكانة‬              ‫المكان‪ ،‬كل الضحكات مطبوعة‬           ‫قاطني المكان‪ ،‬فهي أرواحهم‬
‫للشارع؟ أم َق َص َد المعنى الصوفي‪،‬‬           ‫هناك‪ ،‬أصوات البكاء أي ًضا‪،‬‬        ‫جمي ًعا تشكلت على الجدران‬
                                                                                ‫وفى الزوايا وبين النتوءات‬
                 ‫أم الاثنين م ًعا؟‬     ‫الأحاديث الليلة‪ ،‬رائحة السجائر‪،‬‬    ‫والانحناءات وعلى أسطح البنايات‬
     ‫أرى أن المكان شمل كل هذه‬          ‫سهرات الأصدقاء‪ ،‬والأمنيات غير‬        ‫العالية‪ ،‬ثم استلقت على سيقان‬
                                       ‫المعلنة‪ ،‬وأصوات الباعة الجائلين‪،‬‬      ‫الأشجار في المساء‪ .‬في صفحة‬
         ‫المعاني‪ ،‬القيمة الإنسانية‬     ‫تدلي ًل على سطوة المكان في النص‬      ‫(‪ )3‬يقول الكاتب في آخر فقرة‬
  ‫والروحية‪ ،‬والدليل على ذلك هو‬                                               ‫“حتى أن أعلى طابق في عمارة‬
 ‫المولد الذى يحدث فى الشارع فى‬            ‫وتابعية الزمن‪ ،‬في صفحة (‪)1‬‬        ‫المكاوي بالإضافة إلى للسطوح‬
 ‫الخامس والعشرين من يناير كل‬               ‫في الفقرة الثانية يقول الكاتب‬
   ‫عام‪ ،‬ويؤكد الكاتب أن الشارع‬             ‫“تكونت في لحظة من لحظات‬                          ‫انكفأ كجثة”‪.‬‬

     ‫الطويل ليس به مقام‪ ،‬كعادة‬               ‫غياب الزمن النادرة‪ ،‬لحظة‬
  ‫الأماكن التى تحدث فيها الموالد‪،‬‬         ‫سبقتها أهوا ٌل وتبعتها مآ ٍس»‪.‬‬
   ‫ومن هذا نتيقن من أن الشارع‬
  ‫هو المقام الذى ُيحت َفى به لقيمته‬

    ‫الروحية‪ ،‬لذا جاء اختيار اسم‬
  ‫العمل الروائي موف ًقا من وجهة‬
‫نظرى‪( ،‬حضرة الشارع الطويل)‪.‬‬
‫“هنا أي ًضا دلالة رمزية على ثورة‬
   ‫الخامس والعشرين من يناير”‬

                      ‫(ص‪.)44‬‬

 ‫التجريب في طريقة بناء‬
  ‫وطريقة سرد الرواية‬

‫لقد اجتاز الكاتب منطقة التجريب‬
   ‫بثقة عالية‪ ،‬البناء ليس تقليد ًّيا‪،‬‬
   293   294   295   296   297   298   299   300