Page 295 - merit 47
P. 295
293 ثقافات وفنون
كتب
فاتحة مرشيد عبد الرحمن التمارة مع ذواتنا ،وقاتلة للضجر
والوحدة ،والمعالج النفسي ..هذا
في التعبير ،ووصف ما تختلجه المؤسسات التي تكبلها. ما يكشفه القول الروائي في علاقة
النفس البشرية ،دفع «أسماء» إلى يؤسس هذا الوضع الوجودي الكتابة بالذات الساردة (أسماء)
دخول في مشروع الكتابة من خلال الذي يستبدل الأزمة بالكتابة،
مجموعة قصصية قصيرة «وجهان تصو ًرا سرد ًّيا قوامه أهمية الكتابة في مجموعة من الإرساليات
في تطويع الأزمة ،وبناء الذات، السردية« ،تذكرت أستاذ اللغة
ووسادة» ،من أجل بناء ذات والتصالح معها؛ لأن من يحتمي العربية وقد غضب مني ،عندما علم
جديدة تمتلك هوية حقيقية تعبر بالكتابة كما يقول عبد الرحمن
عن انسانيتها ،وإعطاء متنفس لها، التمارة «في عز أزمته يستطيع بناء أنني سأرتاد كلية الطب.
وامتصاص الإحباط الذي تشعر وجوده على إيقاع التجدد ،وبالتالي قال لي ‹أن ِت كاتبة وهذا ليس
به ،وقتل كل من تسبب في عذاب تشتغل الكتابة كآلية تمسرح الذات اختيا ًرا ..ادرسي الطب إن أحبب ِت
الذات ،فالكتابة تملأ الفراغ الذي بين ألم الكينونة في الوجود ،وأمل لكن أن تنقطعي عن الكتابة،
يخلفه من هم حولنا ،ومنح صدى تجاوز القهر الذي يفرزه ذلك تتحررين وأنت تكتبين ،وسيحسدك
للذات عبر سيرورة الوجود ،وقلب الآخرون لأنك تستطيعين أن
رتابة الحياة اليومية ،إلى الرقص الألم»(.)3
بطرب القلم على أرضية بيضاء، لقد أضحت الكتابة عند أسماء تتنفسي(.)1
تملؤها بنبضات القلب وسمفونية تعبي ًرا عن جراحها وآلامها ،وعن «كما عدت إلى الكتابة بانتظام
الروح ،ونجوم الأفكار التي تتناثر أزمتها النفسية والجسدية ،فالقلم كمكمل لعلاج نفسي بدأته صدفة
هنا وهناك ،معلنة على قيام عرش الذي قطعت علاقتها به لمدة عشر منذ ثمانية أشهر على يد مريض
سنوات ،جعل الجسد ينتفض
الكاتب فوق الكتابة ،ضامنة بسلاح المرض قائ ًل «واقلماه الذي حاول الانتحار.
استمرار وجوده المادي والتجريدي يبدد أزمتي وأرق تفكيري»(،)4 بكل اختصار :قررت أن أحيا»(.)2
نظ ًرا لما تمنحه الكتابة من حرية إذا كانت الوحدة والاختناق والمرض
م ًعا بعد فنائه .لهذا أرادت أسماء النفسي الذي تعانيه ذات أسماء،
أن تستمر علاقتها بوحيد بإرادة حيث تبدو سيرورتها الوجودية
مقترنة بالهشاشة والضعف
والضياع ،ما دفعها للجوء إلى
الكتابة بوصفها بدي ًل لأزمة الذات
وتحريرها ،ومكم ًل للعلاج النفسي،
فأسماء أرادت أن تحيا بالكتابة،
كسلاح ضد القيود والمعاناة التي
تعيشها في مجتمع ذكوري قائم على
الهيمنة.
إن الكتابة تستمد رمزيتها من
سلطة البديل الوجودي الذي
تعانيه الذات (أسماء)؛ حيث تغدو
الكتابة أداة لتحقيق كينونة وجودية
جديدة ،والمتمثل في قرارها أن تحيا
الحياة ،فتنفصل بموجبها الذات
عن وجودها المأساوي ،لتؤسس
وجو ًدا بدي ًل قوامه الامتلاء والحب
والاستقرار ،وهدم كل قيود