Page 290 - merit 47
P. 290

‫العـدد ‪47‬‬                                    ‫‪288‬‬

                                                                        ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬  ‫فاضل ثامر‬

        ‫الرواية‪..‬‬                                                                    ‫(العراق)‬
‫ولغة السيناريو‬

‫نجح الروائي حسن عبد الرزاق في كتابة رواية تجريبية استثنائية‬

‫ووفر لها الشروط الأساسية للتجريب‪ ،‬ومنها كسر الإيهام والاندماج‬
      ‫بحركة الأحداث‪ ،‬وجعل القارئ طر ًفا أساس ًّيا في إنتاج المعنى‬

 ‫والدلالة‪ ،‬كما وظف الكثير من عناصر الفنطازيا والتغريب في خلق‬

   ‫بنية سردية ميثيولوجية‪ ،‬كانت فيها الأحداث تدور داخل مساحة‬

        ‫عريضة ومفتوحة‪ ،‬وتخلى عن توظيف لغة السرد التقليدية‪،‬‬

‫واستبدلها بلغة السيناريو السينمائي‪ .‬ونكتشف التداخل بين الفيلم‬

  ‫الداخلي "إكسير" والفيلم الواقعي الذي يجري في الحياة اليومية‪.‬‬

  ‫أو حكاية رمزية عن هذا النظام‬        ‫عالمًا يتحكم فيه «أخ أكبر» شبيه‬     ‫«فيلم خرافي» للروائي‬          ‫رواية‬
‫الديكتاتوري‪ ،‬الكاتم للأنفاس‪ ،‬من‬         ‫بالأخ الأكبر في رواية أوريل‪.‬‬          ‫حسن عبد الرزاق‪،‬‬
‫خلال شبكة خرافية‪ ،‬غير محدودة‬             ‫ومن الواضح أن هذه النزعة‬
                                                                          ‫والمطبوعة عام ‪،2020‬‬
     ‫من أدوات الرقابة على عقول‬         ‫الديستوبية في الرواية العراقية‬         ‫هي رواية تجريبية‬
    ‫الناس‪ ،‬وتفكيرهم وعواطفهم‪.‬‬        ‫هي من مخرجات كوابيس القمع‬              ‫بامتياز‪ ،‬يحاول فيها‬
  ‫فجمهورية «الألماس» التي تدور‬                                                ‫الروائي‪ ،‬بجسارة‪،‬‬
 ‫فيها الأحداث الروائية الأساسية‪،‬‬       ‫والاستبداد الديكتاتوري لنظام‬          ‫أن يكسر الكثير من القوالب‬
     ‫ورئيسها أو ساحرها الكبير‬            ‫صدام حسين‪ .‬لقد كان نظام‬
‫(حرب) هي كناية أو أليغوريا عن‬            ‫صدام حسين كابو ًسا كبي ًرا‬      ‫السردية التقليدية‪ ،‬ويجترح لغته‬
   ‫نظام صدام حسين الكابوسي‬                                                  ‫الخاصة‪ ،‬وهي لغة سينمائية‪،‬‬
‫الأسود‪“ :‬فرئيس جمهورية الماس‬           ‫جثم على أنفاس العراقيين‪ ،‬وفي‬
 ‫زرع أرض الميناء وسماءه عيو ًنا‬        ‫مقدمتهم المثقفين‪ ،‬الذين عبروا‬     ‫اعتمد فيها بنية السيناريو لنسج‬
 ‫تترصد الوافدين جمي ًعا‪ ،‬حتى إذا‬     ‫بدورهم‪ ،‬وبطرق إبداعية متنوعة‪،‬‬        ‫عالمه الديستوبي المليء بالقسوة‬
‫كان الوافد س ُّنو ًرا‪ ،‬وكل من تلتقط‬  ‫عن إدانتهم ورفضهم لهذا العالم‬         ‫والعنف والظلام‪ ،‬حتى ليذكرنا‬
     ‫في حقيبته أو في قلبه ممنو ًعا‬     ‫الدموي المتوحش الذي سجنهم‬           ‫برواية جورج أوريل (‪،)1984‬‬
 ‫ما‪ ،‬سيكون بطن الأرض سريره‬                                              ‫التي تع ُّد المعطف الذي خرجت منه‬
                                         ‫داخل جدران كونكريتية من‬         ‫كل الديستوبيات الروائية‪ ،‬ومنها‬
               ‫الأبدي”‪( .‬ص‪)5‬‬               ‫الخوف والإحباط والرعب‪.‬‬          ‫رواية “أعجام» للروائي سنان‬
                                     ‫ولذا فرواية «فيلم خرافي» تتحول‬         ‫أنطون‪ ،‬التي بنت هي الأخرى‬
                                     ‫تدريجيًّا إلى «اليغوريا» ‪allegory‬‬
   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295