Page 294 - merit 47
P. 294

‫العـدد ‪47‬‬                         ‫‪292‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫الكتابة بوصفها‬

    ‫البديل الوجودي‬
                                                              ‫عبد الغفور‬

‫روبيل لهوية الذات‪ ..‬قراءة‬
                                                                            ‫(المغرب)‬
 ‫في «لحظات لاغير»‬

   ‫على الحرمان من الكتابة‪ ،‬رغم‬          ‫أكدت مجموعة من الدراسات‬             ‫هي وهج الحياة‬               ‫الكتابة‬
 ‫امتلاكهن ذاكرة التاريخ‪ ،‬وحكمة‬     ‫هيمنة الرجل على الكتابة‪ ،‬والتحكم‬     ‫وباعثة الروح للنفس‬
                                                                        ‫البشرية التي تعاني‬
    ‫التجربة‪ ،‬كل هذا بفعل الدور‬        ‫في أسس الخطابات التي توجه‬          ‫ثقل الوجود ورتابة‬
 ‫الذي حدد لهن من طرف الهيمنة‬            ‫عقلية المجتمع‪ ،‬بوصفه القائد‬     ‫الحياة اليومية‪ ،‬لذلك‬
‫الذكورية‪ ،‬بل أكثر من ذلك جعلت‬      ‫الأعلى‪ ،‬والوصي على المرأة‪ ،‬والابن‬  ‫نكتب من أجل أن نقتل‬
 ‫منهن أداة لتكريس هذه الهيمنة‪،‬‬         ‫الشرعي للوجود‪ ،‬ومالك زمام‬        ‫الضجر الذي يسكن‬
 ‫وتنشئة الأبناء على ذلك‪« ،‬خاصة‬       ‫الواقع‪ ،‬وحقيقة الحياة‪ ،‬وواضع‬     ‫بداخلنا ويجعلنا بؤساء أمام عبثية‬

                       ‫الإناث»‪.‬‬           ‫قوانين الأمور والمتحكم في‬                           ‫الواقع‪.‬‬
     ‫يرجع لجوء المرأة إلى الكتابة‬  ‫نظمها‪ .‬لذا ارتبطت الكتابة بالرجل‬          ‫لقد أجبرت المرأة على إلزام‬
     ‫والحكي بهدف كشف القهر‬         ‫والشفهي بالمرأة‪ ،‬مما يفسر عملية‬     ‫الصمت عبر قرون طويلة‪ ،‬بسبب‬
    ‫الذي يمارس عليها‪ ،‬وشرخها‬       ‫الحكي والسرد الشفهي التي كانت‬      ‫قبضة الهيمنة الذكورية التي كانت‬
      ‫الوجودي‪ ،‬ومأزق تاريخها‬        ‫تمارسها الج َّدات بمثابة رمز دال‬    ‫ولا تزال تتحكم فيها وفق نظام‬
                                                                          ‫دقيق وخفي يصعب ملاحظته‬
       ‫الخاص‪ ،‬وفداحة ماضيها‬                                             ‫ونقده بفكر سطحي‪ ،‬مما يتطلب‬
 ‫وحاضرها‪ ،‬وضبابية مستقبلها‪،‬‬                                           ‫تعم ًقا وأكثر موضوعية وعلمية في‬
                                                                      ‫تناول قضية المرأة وعلاقتها بنظام‬
    ‫وجحيم معاناتها ومآسيها في‬                                              ‫الهيمنة‪ ،‬والذي جعل صوتها‬
      ‫علاقتها مع ذاتها وبالآخر‪.‬‬                                         ‫مقبو ًرا لا نحتاج إلى سماعه‪ ،‬أو‬
                                                                        ‫وصفه مجرد ثرثرة على جوانب‬
 ‫الكتابة بوصفها البديل‬                                                   ‫الحياة‪ ..‬وبالتالي ارتبطت المرأة‬
‫الوجودي لهوية الذات في‬                                                ‫بصفة الصمت كدليل على صفاتها‬
 ‫رواية «لحظات لاغير»‬                                                    ‫الأنثوية‪ ،‬إلى جانب حرمانها من‬
                                                                         ‫ممارسة الكتابة‪ ،‬أو كتابة ما لا‬
       ‫لقد ظهرت الكتابة في رواية‬
  ‫«لحظات لا غير»‪ ،‬وسيلة للتحرر‬                                                             ‫يتعلق بها‪.‬‬

    ‫من قيود المجتمع‪ ،‬والرئة التي‬
‫نتنفس بها عبق الحياة‪ ،‬وتصالحنا‬
   289   290   291   292   293   294   295   296   297   298   299