Page 297 - merit 47
P. 297

‫‪295‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

     ‫أنسنة المكان في‬

     ‫رواية «في حضرة‬
                                                         ‫رحاب عمر‬
      ‫الشارع الطويل»‬

 ‫يقول محمد المنسي قنديل الأدب‬                          ‫دون ضجر‪.‬‬                  ‫الطويل‪ ،‬أن تلتحم‬                ‫الشارع‬
    ‫الجيد هو جغرافيا جيدة‪ ،‬وفى‬         ‫“فى حضرة الشارع الطويل”‪،‬‬                  ‫صورتك بطرقاته‪،‬‬
   ‫الجغرافيا نتعرف على الأماكن‪،‬‬                                                   ‫وتنثر أنفاسك فى‬
      ‫ومعرفتنا بالأماكن تتيح لنا‬         ‫العمل الروائي للكاتب أحمد‬                ‫فضائه‪ ،‬ويختبئ‬
   ‫التعرف على الأشخاص‪ ،‬وربما‬        ‫ثروت‪ ،‬والذى أكسب شارعه دور‬                   ‫صدى صوتك بين‬
                                    ‫البطولة بلا منازع‪ .‬فكان سلطا ًنا‪،‬‬            ‫ثناياه ومنحنياته‪،‬‬
‫تمكننا من وضع خريطة لصفاتهم‬         ‫وأ ًبا وأ ًّما ومعل ًما ووك ًرا لترهاتنا‬      ‫أن يتطاير عطرك‬
    ‫الشكلية والداخلية‪ .‬يقال أي ًضا‬  ‫وملجأ لأرواحنا‪ ،‬وبيتًا حين نكفر‬            ‫تار ًكا شذاه في زواياه المعتمة‪ ،‬أن‬
    ‫إنه حين يدرك الكاتب الحدود‬                                                 ‫تخلد حروفك الأولى على جدرانه‪،‬‬
                                      ‫برداء الذات‪ ،‬ودفئًا يناسب برد‬              ‫فلا يقوى الزمن ‪-‬وإن تحالف‬
‫المكانية التي يدور فيها عمله يملك‬            ‫القلب وشطط الضمير‪.‬‬                  ‫مع عوامل التعرية‪ -‬على شطب‬
  ‫القدرة على إدارة الزمان ورسم‬                                                   ‫محاولاتك الأولى لكتابة اسمك‬
  ‫الشخصيات‪ ،‬برزت أهمية المكان‬                                                 ‫على حوائطه‪ ،‬أن تعيش فى ذاكرته‬
   ‫فى كثير من الأعمال القصصية‬                                                     ‫ضحكاتك وآهاتك‪ ،‬أن يحتفظ‬
   ‫والروائية منذ حقب بعيدة‪ ،‬بل‬                                                 ‫بصورك حين كنت تداعب الكلب‬
    ‫تعدى ذلك إلى أن صار المكان‬                                                 ‫الصغير مع رفاقك الأشد قسوة‬
                                                                              ‫منك‪ ،‬أن تبلل ملابسك تحت المطر‪،‬‬
‫بط ًل أساسيًّا جوهر ًّيا تدور حوله‬                                             ‫وتصنع من الطين ردا ًء يتناسب‬
  ‫أحداث الحياة‪ .‬مثل رواية زقاق‬                                                 ‫مع شقاوتك‪ .‬إنه الشارع الطويل‬
 ‫المدق‪ ،‬قصر الشوق‪ ،‬القاهرة ‪30‬‬
 ‫لنجيب محفوظ‪ ،‬ولا أحد ينام فى‬                                                     ‫الذى لم يفقد ذاكرته قط وإن‬
 ‫الإسكندرية لإبراهيم عبد المجيد‪،‬‬                                               ‫فقدناها نحن‪ ،‬الشارع الذى ضم‬
                                                                               ‫واحتوى ورسم وص َّور مراحلنا‬
‫وبيروت مدينة العالم لربيع جابر‪.‬‬
      ‫والمكان الروائى هو مسرح‬

   ‫الأحداث أو الحيز التي تتحرك‬
   292   293   294   295   296   297   298   299   300