Page 84 - merit 47
P. 84
العـدد 47 82
نوفمبر ٢٠٢2
رضوان كنوا
(المغرب)
امرأة بلا مرآة..
موبخة ممزوجة بدلع واضح: في تلك الليلة ،لا أدري أكان الأمر حل ًما أم حقيقة أو
-ما بالك تحدق بي هكذا؟ شيئًا بينهما .نظر ُت إلى السماء ،فرأي ُت مكتو ًبا بخط
أجابها :أولا تعلمين السبب؟
النجوم ما يلي :هذا الليل عميق ..وأحزانه عميقة..
ردت وهي منهمكة في التنظيف :لا. أعمق مما يعتقد النهار مزه ًوا بأضوائه الكاشفة.
فقال :حين أراك جميلة أتأكد من أني أصبحت قرأ ُت كل ذلك في الأعلى ،بصوت الريح .ثم التف ُّت
إلى الأرض أقتفي أثر بقية الحكاية .أدرك ُت حينها
سكرانا وأقرر المغادرة. أنه في ُعرف الأحياء كما الأموات ،عادة ما يمثل
ضحكت نصيرة ضحكة مخنوقة .على الأقل سمع ْت الليل عنواناً للراحة والسكينة والسبات بعدما يكون
النهار قد انقضى في طلب حصيلة مليحة من نصيب
مزحة نقية من الخلاعة والانحلال السائد في ذلك
المكان .هي تعلم أن أقوال السكارى غير جديرة العمر.
كن ُت أعتقد ذلك وقد شاطرني الرأي يحيى مقتن ًعا
بالثقة أو الجدية بحكم أنهم مجانين بشكل مؤقت، بنفس الأمر ح ًّقا ،إلى حين اكتشف يو ًما أن حيوات
مع وقف التنفيذ ومرفوع عنهم القلم إلى حين .لكن الناس يحدد مصيرها الليل بد ًءا من اللحظة المُظلمة
التي يقرر أبواه إنجابه أو لم يقرروا قب ًل ،و فعلوها
ملاحظة يحيى تلك الممزوجة بمزحة ثقيلة حول فقط .ربما هذا سبب المصير الصادم في أيام يحيى
جمالها ثقبت ملابسها لتصل إلى كبدها ،فجرحتها الذي بدأ يتشكل على كرسي دوار في حانة وسط
في كبريائها .كبرياء امرأة تربت على شعار صيغ
بلغة عامية بليغةِ « :دي ْر َها فرجال و ْنساها وديرها المدينة وأمام نادلة برتبة ساقية اسمها نصيرة.
ليلتها راقبها تخدم بخفة زبنا َء ثقا ًل في مشيتهم
ف ال ْن َسا و ْتسناها».. وألسنتهم تلوك الطلبات كلقطة بكاميرا بطيئة من
زم ْت فمها الذي كان قب ًل يكشف عن ابتسامة فيلم هندي .التفت ْت نحوه والتقت عيناها بعينيه
بنفسجية باهتة كأنها وجه ثا ٍن ،احتياطي للنادلات نصف المغمضتين من آثار الشرب ،فخاطبت ُه بلهجة
تصدي ًقا لنداء ُم ْغ ِرض في السخافة مفاده أن الزبون
ملك وأنه دائ ًما على حق.
أفلا تكون مزحة يحيى حقيقية إذن ،ونصيرة