Page 79 - merit 47
P. 79

‫‪77‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                         ‫محمد الكاشف‬

                   ‫محاولة للنشر‬

  ‫ضحكتك بره النصوص”‪ ..‬لطالما رددت هذا البيت‬         ‫إنهم لا ينشرون شعر العامية المصرية‪ ،‬عرفت هذا‬
   ‫وأنا في طريقي إلى المنزل بجوار مقابر السابقين‪،‬‬  ‫من كدمات يدي التي قبضت على حلمي وعلقته على‬

    ‫وعلى مسامع بعض الأصدقاء الذين طلبوا مني‬                       ‫أبواب لم تفتح بعدما طرقتها مرا ًرا‪.‬‬
     ‫سماع ما كتبت جب ًرا لخاطري‪ ،‬رغم أني لمحت‬                                                 ‫لما؟!‬
    ‫همسات تغلفها ابتسامات شامتة من اثنين كانا‬
   ‫يجلسان معنا‪ ،‬أحدهما أوقف الساقية التي جرت‬        ‫فتشت كثي ًرا عن إجابة ما منطقية‪ ،‬ربما تدلني على‬
   ‫منها قناية سردي بسؤال رث‪ :‬أنت نمت مع اللي‬                         ‫بعض الراحة داخل هذه الحيرة‪.‬‬

                               ‫بتحبها ولا لسه؟!‬     ‫أحب السؤال‪ ،‬يمتعني فعله الرومانتيكي‪ ،‬يشعرني‬
    ‫انتبهت‪ ،‬وصمت للحظات‪ ،‬تذكرت أن الانفصال‬            ‫بوجودي المفتقد داخل انسحاق مجتمعاتنا تحت‬
     ‫قد قطع طريقي منذ سبع سنوات صابني فيها‬                 ‫مطارق متطلبات هذه الحياة‪ ،‬ولا أهرب من‬

         ‫التصحر‪ ،‬وقفت وتركتهما دون بنت شفة‪.‬‬        ‫تداخلاته‪ ،‬قالت لي إحداهن‪ :‬كيف حالك؟! هل وجدت‬
 ‫زهرة خشخاش أنا قد أنتظر بشغف جني القطاف‪،‬‬                                           ‫ما تسعى إليه؟!‬

    ‫لكن ذبول الوحدة صابني‪ ،‬نال مني مع حبوب‬             ‫لم استطع الجواب‪ ،‬فررت بحالي نحو الابتسام‬
      ‫المهدئ‪ ،‬من وقتها وأنا أجاهد ضد اللعنة التي‬     ‫مع أنفاس الدخان المتصاعد من فمي إثر تدخيني‬
‫أطلقها في وجهي أبي قبيل وفاته؛ سمعت في مرة أن‬          ‫لكرسي معسل بجنيهات قليلة‪ ،‬العلاقة الوحيدة‬
‫الصمت يقتل نياط القلب ويمزقها لكن الود يداويها‪.‬‬      ‫الناجحة والمستمرة في حياتي التي هي في الحقيقة‬

                                 ‫ولكن أين هو؟!‬           ‫رغيف غموس قد فاز بقضمة فم المواساة لي‪.‬‬
‫صباح اليوم‪ ،‬خرجت عا ٍر كما ولدتني أمي لتحدثني‬            ‫أوقات جلوسي على المقهى في بلدي الصغير‪،‬‬
                                                       ‫أحتضنها بقوة‪ ،‬حتى لا تتفلت مني إلى الشتات‪،‬‬
     ‫الشمس عما هو خلف السؤال في شرفة البيت‪،‬‬           ‫مذاقها عندي مثل نبيذ معتق احتسيته في صحبة‬
 ‫كانت أم كلثوم في الراديو تغني مع دقات الساعة‪:‬‬          ‫أيام الشتاء التي أخبرت جسدي الهش في مرة‬
‫يا صباح الخير ياللي معانا‪ ،‬لملمت قصائدي‪ ،‬جلست‬            ‫بمتعة رائحة المطر وقت الكتابة على ضوء لمبة‬
                                                    ‫الجاز وقت انقطاع التيار الكهربائي الذي لم أسدد‬
   ‫معها قلي ًل ثم وقفت على الحافة بجسدي‪ ،‬قبلتها‬
  ‫ثم رأيتها تتأرجح في الهواء بعدما حلقت وراءها‪،‬‬                                  ‫فواتيره منذ أشهر‪.‬‬
 ‫ونجاح سلام تقول‪ :‬بالسلامة يا حبيبي بالسلامة‪.‬‬       ‫“مدهشين يا عيون حبيبتي وأنت ماسكة في ايدين‬
   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84