Page 78 - merit 47
P. 78
العـدد 47 76
نوفمبر ٢٠٢2
إبراهيم محمد عامر
الكلاب
تقدمت نحو المائدة لأتناول العشاء قام وتركني آكل تحذرنا أمهاتنا من اللعب أمام بيت محمد حسن.
مع أمي. وحين يعلم أبي أني أصطحب الأولاد لنتبادل
كرهت محمد حسن لما سببه لنا من أذى .وكرهه الكرة أمام بيته ،ينزل من بيتنا بالجلباب مهرو ًل،
الأولاد جمي ًعا .وتمنينا أن يزول من الدنيا ،وقد ويشدني من ذراعي ،ويحمل الكرة بيده الأخرى،
كان. ويدفعني إلى داخل بيتنا.
وكان ذلك آية من الآيات.. تقول أمي:
*** -تستاهل.
يحكي الأولاد أنه نزل في الفجر لغرض غير الصلاة
بالتأكيد .وكانت الكهرباء قد انقطعت عن الحارة أعرف محمد حسن .رج ًل في مثل عمر أبي ،ولكنهما
في هذه الساعة من الليل .ويقول أحدهم إنه سمعه مختلفان .أبي رقيق الجسد ،كما أنه طيب ومسالم،
بأذنيه يتعثر في خطوه مرة ومرة .وأقسم علي ذلك.
ويحكون أنه أصطدم بكلب نائم ،فأيقظه .وأنه وله مهنة معروفة ،ولم يتزوج سوى أمي.
زمجر غاضبًا ،فاستدعت زمجرته بقية الكلاب في مرة كان أبي وأمي في حي العتبة ،يشتريان
والجراوي لينفسوا عن غضب زعيمهم. لوازم رمضان .أصر أبي علي مرافقة أمي ،ووافقت
قالوا إن الكلاب ظلت تنهش في جسده ،وأنه ظل هي حتى تتجنب مشاجرة ما بعد رجوعها من
يصرخ ويتلوي ولا يغيثه أحد.
وكان أبناؤه تلك الليلة سهرانين خارج البيت ،بل السوق.
خفت أن أبقي وحي ًدا في البيت .نزلت .رأيت الأولاد.
خارج الحي كله.
ولما علموا بالأمر ،جاءوا إلى الحارة .حاولوا مداوته -تلعب؟
-فين؟
لدى المستشفيات لكنه كان منتهيًا. -في حارة مسعد البقال.
وفي اليوم التالي حملوه ليدفنوه ثم أقاموا العزاء. أصمت .أقول بشيطنة:
-طب ما نلعب هنا.
*** يفكر الأولاد .يقول أحدهم:
وفي ساعة فجر أخرى ،أخرجوا بنادقهم التي -آه محمد حسن مش هنا .ولا عياله كمان.
يخفونها في عشش الفراخ فوق سطح بيتهم، نركل الكرة .نجري ونمرح .صوتنا يعلو .والهواء
وفتحوا النيران على الكلاب التي أكلت أبيهم. البارد يحمسنا أن نتحرك أكثر .يقذف أحدنا الكرة
فجأة إلى أعلي .تسقط داخل بلكونة محمد حسن.
ولم يتركوا كلبًا حيًّا.. يضرب وجهه في حسرة .وننظر فوقنا فإذا بمحمد
*** حسن واق ًفا ببنيته العملاقة .ينظر نحونا في غضب،
ورغم اختفاء محمد حسن من الحارة ،وأنشغال ويقول بصوته العالي:
أبنائه بأمورهم بعي ًدا ،إلا أننا لم نستطع اللعب -ما هو العيب مش عليكوا .العيب على أهاليكم ولاد
بأطمئنان أمام بيته. الـ..
وكلما تجمعنا في الليالي ،وتهيأنا للعب ،خيل إلينا أنه ويطلق سبابه الذي ترتجف له أبداننا.
سيظهر من بلكونته بقامته الطويلة النحيلة ووجهه
***
القاسي لينكد علينا ويؤذينا بلسانه الطويل. في المساء يرفض أبي أن يتحدث معي .حتى لما