Page 98 - merit 47
P. 98

‫العـدد ‪47‬‬   ‫‪96‬‬

                                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

                                                   ‫جدلية الممنوع وحدود سلطة الغياب‬
                                                                ‫والتلاشي‬

     ‫والتلاشي بعدما كانت امرأة مشبعة بالحياة‬           ‫إذا كانت ماهية الفلسفة إطلاق الفرضيات أمام‬
   ‫والنضج والطموح والأمل‪ ،‬بينما استدعى لدى‬           ‫مسائل وقضايا فكرية لا يمكن لأحد الحسم فيها‬
   ‫الأهل حضور الخطيئة والإثم‪ .‬وفي إطار متاهي‬          ‫بصورة نهائية وناجزة‪ ،‬من الناحية المعرفية‪ ،‬فما‬
‫ومتش ٍظ‪ ،‬تتنوع وتتباين الشخصيات داخل الرواية‬          ‫هي الفرضيات التي يمكن لكاتب روائي معاصر‬
   ‫فالصغيرة «كاميليا» تمثل الفطرة النقية لبراءة‬       ‫أن يطلقها في نصوصه الروائية؟ أين هي فلسفة‬
   ‫الإنسانية الأولى‪ ،‬بينما «كاميليا» العمة تتأرجح‬    ‫النص الروائي الجديد؟ سؤالان يحيلان إلى‪ :‬كيف‬
                                                    ‫نقرأ الرواية الجديدة؟ فإذا كانت المعرفة إدراك كنه‬
                                                    ‫الأشياء إدرا ًكا جاز ًما –أو يفترض أن تكون هكذا‪،-‬‬
                                                   ‫فإن الفلسفة إدراك الأشياء إدرا ًكا ُمفتر ًضا‪ ،‬يحتمل‬

                                                        ‫وجو ًها متعددة‪ ،‬قد يكون منها ما هو مجازي‪،‬‬
                                                          ‫خاصة ما يتصل منها بالإبداع الأدبي عامة‪،‬‬
                                                                  ‫وبالسرد الجديد والمعاصر خاصة‪.‬‬

                                                        ‫وهنا نتساءل مجد ًدا‪ :‬هل يوجد نقد بلا فلسفة‬
                                                       ‫أو فلسفة بلا نقد؟ يرى بعض النقاد أن «علامة‬
                                                    ‫الفكر الحديث‪ ،‬هي أنه يجعل من كل قضية مسألة‬
                                                   ‫معرفية‪ ،‬بحيث لا يوجد فكر حديث وبجانبه نقد‪ ،‬بل‬

                                                                          ‫الفكر الحديث كله نقد»(‪.)5‬‬
                                                   ‫إن المتأمل في نص رواية «أطياف كاميليا» للروائية‬

                                                          ‫«نورا ناجي»‪ ،‬يجد ملامح صور التيه فيها‬
                                                    ‫متعددة‪ ،‬لكن تيه الروح والذات هو الأكثر حضو ًرا‬

                                                        ‫داخل الرواية‪ ،‬أو بتعبير أدق هو التيه الحقيقي‬
                                                      ‫والشامل للذات الساردة المتأملة‪ ،‬والمغتربة ذاتيًّا‪.‬‬
                                                    ‫كل ذلك جاء في إطار سردي متاهي ومتش ٍظ‪ ،‬ولقد‬

                                                        ‫حرصت الكاتبة في سياق هذه الكتابة الروائية‬
                                                     ‫المتميزة على تحقيق شرط الإمتاع الجمالي والفني‬
                                                   ‫للنص عبر استدعاء صور التيه داخلها‪ .‬فمن حكاية‬
                                                       ‫اختفاء العمة «كاميليا» المفاجئ إلى حكاية البطلة‬
                                                      ‫الصغيرة «كاميليا» ابنة الأخ‪ ،‬تلك التي تصر على‬

                                                       ‫حضور صورة عمتها داخل مرآتها ذات الإطار‬
                                                         ‫البيضاوي المذهب‪ ،‬وتؤكد على وجودها وعدم‬
                                                      ‫اختفائها‪ ،‬بينما يصر الأهل على حضور الخطيئة‬
                                                   ‫والإثم داف ًعا لذلك الهروب والاختفاء‪ .‬حتى تتكشف‬
                                                     ‫الحقيقة في النهاية بعدما تعثر ابنة الأخ «كاميليا»‬

                                                          ‫الصغيرة على أوراق العمة ومذكراتها‪ ،‬وهي‬
                                                        ‫وقوع العمة «كاميليا» في الحب‪ ،‬وهذا ما أفسد‬
                                                       ‫عليها حياتها‪ ،‬واستدعى لديها الهروب والغياب‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103