Page 143 - merit 45
P. 143

‫عن الآليات التي يستعين بها‬                                                   ‫مايا مرسي‬
 ‫الخطاب الوعظي والدعوي الإسلامي‬
 ‫لتوسيع مجال نفوذه وهيمنته يرصد‬                                       ‫كلون من ألوان ممارسة التضليل‬
                                                                      ‫والتعمية على الخطاب الديني وهو‬
      ‫د‪.‬أحمد زايد من بينها الميل إلى‬                                  ‫المحرض الرئيسي على العنف كما‬
   ‫التشدد والاستبعاد وتوسيع دائرة‬
‫العداء ضد الآخر ليصبح المسلم نفسه‬                                                             ‫سنرى‪.‬‬
   ‫عد ًّوا للمسلم‪ ،‬وتمهي ًدا لتحوله إلى‬                                ‫السمة الأخرى المهمة في الخطاب‬
    ‫ممارس للعنف ضده‪ .‬بالإضافة إلى‬                                       ‫الوعظي والدعوي في مصر كما‬
    ‫توسيع دائرة الشعور بالخطر على‬
                                                                           ‫تلحظه الدراسة هي مركزية‬
       ‫الدين والعقيدة وتأكيد أهمية‬                                        ‫الحقل الديني وإطاره المهيمن‪،‬‬
                        ‫الخلاص الديني‪.‬‬
                                                                            ‫وهو الإطار الذي تعمل على‬
   ‫الديني ليس في إطار التعايش‬      ‫الأمر وكأن الحقل الديني يتحول‬        ‫حراسة وتمديد هيمنته وإحكام‬
   ‫مع المدني‪ ،‬بل في نطاق التمدد‬      ‫إلى حقل مراقبة‪ ،‬بل حقل ضبط‬           ‫قبضته على الوعي العام نخب‬
‫بداخله للسيطرة عليه من داخله‪،‬‬      ‫وتحكم»! ولعل في هذه العبارة ما‬
   ‫واستملاكه من خلال توسيع‬           ‫يمددنا بدعم قوي يجعلنا نلحظ‬           ‫دينية‪« :‬كان عليها أن تشكل‬
‫دائرة الإثم والتجريم‪ ،‬مما يحقق‬     ‫خطاب (أ‪.‬د‪ ).‬فيما يتعلق بجريمة‬       ‫لنفسها دو ًرا يضفي عليها الهيبة‬
‫هيمنة رجل الدين وخلق «شيء»‬           ‫المنصورة وهو يتحول إلى حقل‬        ‫والمكانة‪ ،‬ويسهم في صناعة إطار‬
                                    ‫مراقبة وضبط وتحكم للمجالين‬        ‫عام يدور في فلكه الخطاب الديني‪،‬‬
               ‫أشبه بالكهنوت‪.‬‬                                           ‫ويشحذ همة الأفراد والجماعات‬
 ‫وفي سياق رصده لسمة شديدة‬                 ‫القانوني والجنائي أيضا!‬     ‫لكي ييمموا وجوههم شطر الحقل‬
                                      ‫وعن الآليات التي يستعين بها‬       ‫الديني‪ ،‬بحيث يصبح هو الحقل‬
    ‫الوضوح في الخطاب الديني‬                                             ‫المهيمن الذي تدور في فلكه كافة‬
 ‫هي سمة التعلق الشديد بالنص‬              ‫الخطاب الوعظي والدعوي‬         ‫الحقول‪ ،‬أو على الأقل لا تستطيع‬
                                    ‫الإسلامي لتوسيع مجال نفوذه‬
       ‫«العيش على النص حف ًظا‬       ‫وهيمنته يرصد د‪.‬أحمد زايد من‬              ‫تجاهله‪ ،‬وعليها أن تراجعه‬
‫وتعبي ًرا وتفسي ًرا»‪ ،‬يلحظ الباحث‬  ‫بينها الميل إلى التشدد والاستبعاد‬       ‫باستمرار لكي تسير الأمور‬
                                                                         ‫فيها دون عواقب‪ .‬ولقد بدا هذا‬
     ‫ارتباطها بهروب الواقع من‬            ‫وتوسيع دائرة العداء ضد‬
  ‫المعادلات الخطابية‪ ،‬مما يؤدي‬      ‫الآخر ليصبح المسلم نفسه عد ًّوا‬
    ‫إلى انعكاسية ماضوية تجعل‬
‫من استعادة الماضي أم ًل يسعى‬            ‫للمسلم‪ ،‬وتمهي ًدا لتحوله إلى‬
                                    ‫ممارس للعنف ضده‪ .‬بالإضافة‬
    ‫ويدعو إليه الخطاب الوعظي‬       ‫إلى توسيع دائرة الشعور بالخطر‬
   ‫الإرشادي الديني‪ .‬وهنا يضع‬
‫الباحث يده على نقطة لقاء ومبدأ‬           ‫على الدين والعقيدة وتأكيد‬
‫ارتباط هام بين الخطاب الرسمي‬          ‫أهمية الخلاص الديني‪ ،‬وتمدد‬
   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148