Page 144 - merit 45
P. 144

‫العـدد ‪45‬‬                           ‫‪142‬‬

                                     ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

     ‫حساب‪ .‬وهو ما يتحول عند‬            ‫الأعلى في الخطب المنبرية يلحظ‬       ‫والخطاب التكفيري‪ .‬وليست تلك‬
   ‫الحديث في موضوع الإجهاض‬               ‫د‪.‬زايد أن الحياء لا يرتبط في‬        ‫هي كل نقاط اللقاء أو الارتباط‬
                                                                             ‫بين الخطاب الأزهري الرسمي‬
        ‫إلى سخط وانفعال شديد‪:‬‬          ‫ذهن الأئمة بالحياء من الفساد‬           ‫والخطاب المتطرف التكفيري‪،‬‬
  ‫«ويقارن الإمام بين قتل النفس‬        ‫أو ارتكاب الأخطاء لكنه يتمركز‬          ‫بل لعل أخطر تلك النقاط ‪-‬كما‬
   ‫وبين الإجهاض‪ ،‬حيث يساوي‬
  ‫بينهما‪ ،‬ويحكي قصة عن الطفل‬            ‫حول الحياء المرتبط بالتقصير‬        ‫تبرز من مئات ُخطب المنابر التي‬
 ‫المجهض الذي يتعلق بتلابيب أمه‬            ‫في العبادة‪ ،‬وحياء استشعار‬         ‫وضعتها الدراسة تحت المجهر‪-‬‬
 ‫يوم القيامة ويقول‪« :‬أنا المظلوم»‬                                            ‫تتمثل في تحقير الوطن! يصف‬
‫ويطلب من الله أن يسأل أمه‪ :‬لماذا‬      ‫النعم‪ ،‬وحياء محبة الله‪« :‬ويعرج‬         ‫د‪.‬أحمد زايد بعض تلك الخطب‬
  ‫قتلته؟ وينتهي الحوار بأن يأمر‬      ‫الحديث عن الحياء دائ ًما إلى حياء‬       ‫بالقول‪« :‬يسرد الإمام الدروس‬
‫الله الملائكة أن تلقي هذه المرأة في‬   ‫المرأة» وبالطبع‪« :‬حياء البكر من‬
‫النار ليعذبها ملائكة غلاظ شداد‪،‬‬                                                ‫المستفادة من الهجرة‪ ،‬ومنها‬
   ‫ويلقوها في جب النار الذي فيه‬        ‫الإفصاح عن الرغبة في النكاح‪،‬‬            ‫أن الهجرة من سنن الأنبياء‪،‬‬
 ‫سباع وعقارب وذئاب تنهش كل‬             ‫ويكثر ضرب الأمثلة هنا بحياء‬           ‫وأن حب الأديان يقدم على حب‬
                                      ‫زوجات رسول الله‪ ،‬وحياء بنات‬           ‫الأوطان‪ ،‬ولا مجال للتساهل في‬
               ‫واحد قتل نفسا»‪.‬‬       ‫شعيب‪ ،‬وحياء فاطمة بنت رسول‬
 ‫ودون حاجة للتوقف عند تحذير‬            ‫الله»‪ .‬وسرعان ما ينقلنا الحياء‬                            ‫العقيدة»‪.‬‬
  ‫الأئمة من الربا ومقارناتهم بين‬      ‫إلى الطاعة‪« :‬وتتأكد الطاعة دائ ًما‬
                                       ‫في الحديث عن واجبات الزوجة‬            ‫الجهاد ضد المرأة!‬
      ‫البنوك الربوية والإسلامية‪،‬‬      ‫لأن طاعة الزوج من طاعة الله»‪،‬‬
 ‫والدعوة لتطبيق شرع الله وعدم‬        ‫«فالمرأة المسلمة إذا أطاعت زوجها‬        ‫وبوسع قاريء دراسة «صوت‬
  ‫اللجوء إلى ما يسمونه «القوانين‬      ‫تكون في طاعة الله‪ ،‬فهي لا يجب‬          ‫الإمام» العثور على نماذج فجة‬
 ‫الوضعية» التي لو طبقها الحاكم‬          ‫أن ترفض الفراش إلا في حالة‬           ‫من ال ُخطب المنبرية التي أخذت‬
‫فعلى المسلمين اللجوء إلى المجالس‬        ‫العذر القهري (الحيض) وهي‬
                                     ‫إن لم تلبي رغبته لعنتها الملائكة‪.‬‬         ‫على عاتقها فيما يبدو تحقير‬
       ‫العرفية لتطبيق شرع الله!‬      ‫كما أن الزوجة لا يجب أن تخرج‬             ‫وامتهان المرأة بل والتحريض‬
 ‫وبدون توقف كذلك عند وصفهم‬           ‫من منزلها بدون إذن زوجها‪ ،‬ولا‬             ‫الصريح عليها‪ ،‬وفي مواضع‬
                                        ‫يجوز لها طاعة والديها (أبوها‬        ‫وسياقات بالغة النبو والشذوذ‪.‬‬
    ‫للأمراض بأنها ابتلاء من الله‬        ‫وأمها) أو غيرهما إذا تعارض‬        ‫منها ما تذكره الدراسة في معرض‬
   ‫نتيجة انتشار الفساد وارتكاب‬                                             ‫رصدها لتناول الخطباء للأحداث‬
    ‫المعاصي‪ ،‬والإعجاز في تحريم‬            ‫مع رأي الزوج»! الغريب أنه‬           ‫التاريخية‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬
   ‫لحم الخنزير و‪ ..‬إلى ما هنالك‪.‬‬        ‫عندما يصل الإمام إلى الحديث‬            ‫«في كل الأحوال يربط الإمام‬
‫نصل مباشرة إلى تشريح لكهنوت‬          ‫عن «ريادة الأمة الإسلامية» فإنه‬        ‫بين النصر الذي حققه الإسلام‬
   ‫رجال الدين الإسلامي تصيغه‬            ‫يصف الحضارة الغربية بأنها‬            ‫وموقف المسلمين المعاصر (!!)‬
                                       ‫فقدت العنصر الأخلاقي وبأنها‬           ‫قائ ًل‪« :‬كفانا نوم‪ ..‬وقت النوم‬
         ‫الدراسة ببراعة بقولها‪:‬‬       ‫«حضارة عبيد»‪ ،‬في مقابل الأمة‬        ‫انتهى‪ ..‬عايزين نعرف احنا جايين‬
‫“ويزخر الخطاب بإشارات عابرة‬             ‫الإسلامية فإنها ذات حضارة‬           ‫منين وما هي رسالتنا‪ ..‬إنه من‬
‫إلى الدعوة والدعاة‪ ،‬وقد يخصص‬                                               ‫جد وجد ومن زرع حصد‪ ..‬مش‬
                                            ‫رائدة وتدعو إلى المساواة!‬       ‫عايزين ننام ونترك بناتنا تلبس‬
    ‫لها خطبًا بأكملها‪ ،‬على اعتبار‬    ‫وفي مجال تنظيم الأسرة لا يبدو‬            ‫كما تشاء وبعد ذلك نقول أين‬
   ‫أن هؤلاء الدعاة هم تلك النخبة‬
  ‫المصطفاة من عباده لقيادة الأمة‬          ‫الإمام ‪-‬كما تؤكد الدراسة‪-‬‬                              ‫النصر»!‬
‫إلى الخير والصواب»‪« ،‬ولذلك فإن‬           ‫متحم ًسا لتحديد النسل بقدر‬        ‫وفي معرض تقييمه للقدوة والمثل‬
   ‫هذا الثقل النخبوي في الخطاب‬            ‫حماسه لـ»استغلال الثروة‬
‫يحوله إلى أن يكون خطا ًبا صاد ًرا‬       ‫البشرية» أي زيادة النسل بلا‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149