Page 148 - merit 45
P. 148

‫العـدد ‪45‬‬                           ‫‪146‬‬

                                     ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫تحترم اسم الشيخ محمد فاضل‬            ‫الأخيرة؟ هل ساندت المستعمر أم‬             ‫بدأت فرنسا بزيارة للمنطقة‬
     ‫إن لم يكن الكل يتبعه»(‪.)17‬‬       ‫هادنته؟ هذا ما أردنا الإجابة عنه‬      ‫منذ القرن السابع عشر كشريك‬

  ‫ثم الطريقة الشاذلية المنتسبة‬                   ‫من خلال هذا االمقال‪.‬‬          ‫تجاري في مادة الصمغ التي‬
 ‫للإمام علي بن عبد الله الشاذلي‬       ‫وقبل ذلك يحسن بنا التعريف‬             ‫اشتهرت بها موريتانيا‪ ،‬وسعت‬
                                     ‫بأهم الطرق الصوفية بشنقيط‪:‬‬
     ‫المولود بصعيد مصر سنة‬                                                     ‫إلى الانفراد بهذه المادة‪ ،‬وإلى‬
    ‫‪571‬هـ‪ ،‬التي تنقسم حسب‬                   ‫يمكن القول إن كل طريقة‬           ‫استبعاد المنافسين الأوروبيين‬
‫البعض إلى الطريقة المتالية نسبة‬        ‫صوفية هي عبارة عن مجموعة‬               ‫بإبرام بعض الاتفاقيات(‪ )9‬مع‬
  ‫إلى الشيخ محمد فال بن متالي‬        ‫من الأشخاص الذين يتبعون شيخ‬          ‫أمراء القبائل تقضي بدفع ضرائب‬
  ‫التندغي المتوفى سنة ‪1902‬م‪،‬‬
 ‫والطريقة الأغظفية المتوفى سنة‬            ‫طريقتهم‪ ،‬وفق نظام سلوكي‬              ‫سنوية وتقديم هدايا‪ ،‬بهدف‬
‫‪1218‬هـ‪ ،‬ولقد اهتم الفرنسيون‬               ‫روحي دقيق‪ ،‬ويحيون حياة‬          ‫حماية التجار الفرنسيين‪ ،‬وضمان‬
‫بالطريقة الأغظفية اهتما ًما بال ًغا‬   ‫جماعية تتخللها اجتماعات دورية‬
‫لكونها نشأت في شنقيط‪ ،‬وفيها‬              ‫في مناسبات معينة‪ ،‬ويعقدون‬              ‫الاستقرار للمستكشفين(‪،)10‬‬
                                         ‫مجالس للذكر والعلم بصورة‬               ‫وهكذا شكلت التجارة منف ًذا‬
                                     ‫منتظمة في الزوايا(‪ ،)12‬ولقد برزت‬       ‫استغله الفرنسيون لاستكشاف‬
                                         ‫في البلاد الموريتانية مجموعة‬           ‫المنطقة بهدف الحصول على‬
                                      ‫من الطرق الصوفية رتبها بعض‬             ‫المعلومات الكفيلة بإضافتها إلى‬
                                      ‫الباحثين حسب الأقدمية كالتالي‪:‬‬       ‫باقي المستعمرات مع بداية القرن‬
                                        ‫الطريقة القادرية(‪ )13‬فالشاذلية‬
                                      ‫وأخي ًرا التيجانية إضافة إلى طرق‬                          ‫العشرين‪.‬‬
                                     ‫أخرى لم تعرف انتشا ًرا كبي ًرا(‪،)14‬‬       ‫لقد كان المستعمر واعيًا بأن‬
                                        ‫والملاحظ أن هذه الطرق دخلت‬         ‫التصوف الطرقي مدخل أساسي‬
                                          ‫في فترات متقاربة وسيطرت‬
                                           ‫كل طريقة على مجموعة من‬                 ‫وهام لفهم بنيات المجتمع‬
                                         ‫البدو الرحل‪ ،‬وتزعمها شيوخ‬          ‫الشنقيطي على مختلف الأصعدة‬
                                                                             ‫نظ ًرا للحيز الكبير الذي يشغله‬
                                                          ‫مغاربة(‪.)15‬‬
                                         ‫وتنقسم الطريقة القادرية في‬             ‫الدين في حياة الموريتانيين‪،‬‬
                                       ‫موريتانا إلى فرعين كبيرين هما‬          ‫وكان متأك ًدا أي ًضا أن السبيل‬
                                      ‫الطريقة البكائية الكنتية نسبة إلى‬
                                         ‫الشيخ سيدي اعمر بن الشيخ‬               ‫الأمثل للتغلغل في البلاد هو‬
                                      ‫أحمد البكاي‪ ،‬والطريقة الفاضلية‬      ‫التدبير السليم للتعامل مع الطرق‬
                                      ‫نسبة إلى الشيخ محمد فاضل بن‬
                                     ‫مامين القلقمي‪ ،‬وتعترف السلطات‬           ‫الصوفية الآخذة بزمام الأمور‬
                                       ‫الفرنسية بقيمة هذه الطريقة في‬        ‫في المنطقة‪ ،‬لذلك لا نستغرب إذا‬
                                       ‫مجتمع شنقيط نظ ًرا لانتشارها‬          ‫علمنا أن قائد الحملة الفرنسية‬
                                        ‫السريع ونفوذها الممنهج حتى‬         ‫على موريتانيا كزافي كوبولاني(‪)11‬‬
                                       ‫قال عنها الباحث الفرنسي بول‬         ‫كان قد استعد ثقافيًّا قبل أن يعد‬
                                     ‫ماري(‪« :)16‬من الأطلسي إلى البحر‬        ‫الجيش‪ ،‬فساهم في تأليف كتاب‬
                                     ‫المتوسط وحتى تمبكتو إلى جنوب‬          ‫حول الطرق الصوفية الإسلامية‪،‬‬
                                          ‫المغرب فنهر غينيا‪ ،‬الشعوب‬
                                                                              ‫ونجح فع ًل في استمالة بعض‬
                                                                                 ‫الشيوخ لأنه متيقن من أن‬

                                                                              ‫تأثيرهم في الناس يفوق تأثير‬
                                                                                                 ‫السلاح‪.‬‬

                                                                           ‫فكيف تعامل المستعمر مع الطرق‬
                                                                              ‫الصوفية؟ وكيف كان رد هذه‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153