Page 152 - merit 45
P. 152

‫البريئة‪ ،‬كما أن البلاد في أشد‬                            ‫العـدد ‪45‬‬                           ‫‪150‬‬
‫الحاجة للوجود الفرنسي ليخرجها‬
                                                                           ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬  ‫سليم جعل البعض يعتقد أنه يميل‬
    ‫من حالة الأزمات الاجتماعية‪،‬‬                                                          ‫إلى دين الإسلام‪ ،‬فتمكن من جمع‬
       ‫والاقتصادية‪ ،‬والسياسية‪.‬‬                 ‫كزافي كوبولاني‬
        ‫الفرقة الثانية‪ :‬مناهضة‬                                                            ‫ما يلزم من المعلومات والأسرار‬
                                        ‫وحظي اقتراحه بموافقة وزير‬                         ‫خصو ًصا بعد أن أصبح مشر ًفا‬
   ‫للاستعمار وتركزت في الشمال‬          ‫الخارجية الفرنسي آنذاك سنة‬                       ‫على المبعوثين إلى الديار الإسلامية‬
‫حيث توجد إمارتي تكانت وأدرار‪،‬‬          ‫‪1899‬م(‪ ،)32‬هذا المشروع الذي‬
                                    ‫كان يتأرجح بين الرفض والقبول‬                               ‫المستعمرة خاصة السودان‬
      ‫ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه‬      ‫لمعارضة التجار الفرنسيين لأنه‬                       ‫وشنقيط‪ ،‬وصار أكثر اقترا ًبا من‬
  ‫الشيخ العينين الذي جعل مدينة‬          ‫يضر بمصالحهم لأنهم كانوا‬                         ‫شيوخ الزوايا(‪ ،)30‬وبعد أن أصبح‬
  ‫السمارة مرك ًزا للجهاد مستعينًا‬                                                          ‫جاه ًزا للميدان بفضل المعلومات‬
                                             ‫يخافون ثورة البيضان‪.‬‬
     ‫بعلاقته مع سلاطين المغرب‪،‬‬                                                               ‫التي جمعها وبفضل السمعة‬
    ‫ولقد شكل مقتله سنة ‪1910‬م‬         ‫سياسة المستعمر إزاء‬                                 ‫الجيدة التي اكتسبها‪ ،‬انطلق سنة‬
  ‫نكسة قوية خمدت معها المقاومة‬      ‫الطرق الصوفية أدت إلى‬
‫الجهادية(‪ )33‬سنة ‪1934‬م في سائر‬                                                                ‫‪1898‬م إلى السودان الغربي‬
                                           ‫انقسامها‬                                         ‫والساحل الجنوبي للتقرب من‬
                         ‫البلاد‪.‬‬                                                        ‫قبائل البيضان وغيرها لاستمالتهم‬
       ‫ولقد استثمرت فرنسا هذا‬           ‫ولقد نجحت هذه السياسة في‬                        ‫وترغيبهم في المشروعات الفرنسية‬
   ‫الانقسام فجعلت أنصار القطب‬       ‫انقسام الطرق الصوفية مع مطلع‬                         ‫القائمة على السلم وحسن الجوار‬
  ‫المناصر للمستعمر يحارب أتباع‬
    ‫القطب الرافض للاستعمار(‪)34‬‬          ‫القرن العشرين (‪1903‬م) إلى‬                              ‫واحترام الحرمات وصيانة‬
   ‫وضرب بذلك المستعمر الشعب‬                     ‫فرقتين متناقضتين‪:‬‬                           ‫الأملاك‪ ،‬على أن فرنسا تدفعها‬
 ‫الموريتاني بعضه ببعض‪ ،‬وساعد‬                                                              ‫أسباب إنسانية للتواصل مع من‬
    ‫المشايخ المناصرون لفرنسا في‬         ‫الفرقة الأولى‪ :‬مؤيدة لدخول‬                          ‫يحتاج إليها لتحسين الظروف‬
    ‫حماية البعثات الفرنسية التي‬           ‫المستعمر وتمركز أغلبها في‬
 ‫كانت تتجسس ليل نهار‪ ،‬وعملت‬               ‫الجنوب حيث توجد إمارتي‬                              ‫الاجتماعية وللتلاقح الثقافي‬
 ‫أي ًضا على تأمين القوافل التجارية‬                                                            ‫وغيرها من الكلمات الرنانة‪،‬‬
‫الفرنسية سواء على شواطي النهر‬           ‫الترارزة والبراكنة‪ ،‬ومن أبرز‬                       ‫والأسباب التافهة التي للأسف‬
 ‫أو المحيط الأطلسي أو في الداخل‪.‬‬        ‫الأمثلة على هذا الاتجاه الشيخ‬                       ‫انطلت على البعض(‪ ،)31‬في حين‬
       ‫وفي الختام يمكن القول إن‬         ‫سيدي بابه الذي أصدر فتوى‬                         ‫أنه كان في واقع الأمر يشن حر ًبا‬
   ‫أساليب المستعمر الفرنسي مع‬       ‫بعدم جهاد النصارى لفارق القوة‬                       ‫مدنية مقيتة يطلع فيها على خيرات‬
    ‫الطرق الصوفية أدت إلى الحد‬           ‫بينهم وبين المسلمين‪ ،‬واتخذ‬                       ‫البلاد والعباد بهدف ترويضهم‪،‬‬
   ‫من خطورتها وخدمت المصالح‬           ‫من الضعف ذريعة لعدم مقاومة‬                          ‫وإعدادهم للذل والعار‪ ،‬حيث إنه‬
  ‫الإستعمارية بأقل التكاليف‪ ،‬وفي‬        ‫المستعمر حتى لا تراق الدماء‬                        ‫بعد عودته مباشرة كان قد أعد‬
‫أقرب الآجال‪ ،‬ومكنتها من وصول‬                                                            ‫تقري ًرا شام ًل يعكس بدقة متناهية‬
 ‫أماكن نائية وتخوم صحراوية لم‬                                                               ‫ظروف عيش السكان ومواطن‬
 ‫تكن لتستوطنها إلا بشق الأنفس‪،‬‬                                                              ‫قوتهم ونقاط ضعفهم‪ ،‬وأدرك‬
      ‫كما أن هذه الأساليب مهدت‬                                                               ‫أهمية مدينة الساقية الحمراء‬
  ‫لاستيطان باقي المناطق وحملها‬                                                               ‫كملتقى هام للطرق والقوافل‬
    ‫على الانقياد والدخول في طاعة‬                                                           ‫لذلك يجب إيلاؤها الأهمية التي‬
                                                                                           ‫تستحقها خصو ًصا لمهابة شيخ‬
                       ‫المستعمر‬                                                           ‫المدينة الشيخ الكبير ماء العينين‪،‬‬
                                                                                             ‫تمهي ًدا لخلق موريتانيا غربية‬
                                                                                        ‫تنضوي تحتها كل القبائل المتفرقة‪،‬‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157