Page 206 - merit 45
P. 206

‫العـدد ‪45‬‬                                       ‫‪204‬‬

                                                           ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬                                ‫د‪.‬حمدي سليمان‬

   ‫في التعبير عن الذات‪ ،‬من‬      ‫من الانفتاح إلى‬          ‫تُ ولع‬
 ‫أجل تعزيز خطاب الوجود‬            ‫العشوائية‬
                                                               ‫في دنيا التكاتك‪ ..‬كلٌّ يغني على ليلاه‬
    ‫الشخصي‪ ،‬خاصة لدى‬             ‫بعض الفئات‬
     ‫الطبقات المهمشة التي‬          ‫الاجتماعية‬
                                     ‫بالأمثال‬
 ‫تعاني من الفقر والحرمان‬            ‫والمقولات‬
‫وعبثية الواقع‪ ،‬والتي ترسل‬
‫خطاباتها المتمردة والكاشفة‬     ‫والعبارات‪ ،‬التي‬
                                   ‫تتضمن معاني وحك ًما‬
      ‫لعجز المجتمع وغفلته‬
   ‫وتخليه عنهم‪ ،‬في صورة‬         ‫طريفة‪ ،‬تعبر عن حالاتهم‬
    ‫رسائل شخصية‪ ،‬لذلك‬         ‫النفسية والمزاجية ونظرتهم‬
    ‫نلاحظ في تلك العبارات‬      ‫للواقع والأوضاع المعيشية‬
‫حاجة هؤلاء الأشخاص إلى‬
 ‫الدعم الاجتماعي والتماثل‬       ‫القاسية‪ .‬لذا يرددونها في‬
  ‫مع المجتمع‪ ،‬ذلك المجتمع‬        ‫أحاديثهم ويكتبونها على‬
 ‫الذي يعانون من متغيراته‬     ‫مركباتهم الخاصة والأجرة‪،‬‬
                               ‫وهي عبارات منها المقتبس‬
      ‫السريعة على الساحة‬
  ‫الاجتماعية والاقتصادية‪،‬‬         ‫ومنها المبتكر‪ ،‬يلجأ إلى‬
                              ‫استخدامها بعض الأفراد في‬
     ‫مع العلم أنهم يمثلون‬      ‫الكلام المنطوق أو المكتوب‪،‬‬
   ‫بشكل أو بأخر جز ًءا من‬
  ‫هذه المتغيرات التي تتسم‬       ‫للتعبير بإيجاز واختصار‬
  ‫بالعشوائية وغياب القيم‪،‬‬        ‫في جمل مكثفة‪ ،‬قصيرة‪،‬‬
                                 ‫عن موضوعات وحالات‬
      ‫وتردي الذوق العام‪،‬‬
   ‫وانتشار الفساد والعبث‬           ‫مختلفة‪ ،‬وهو ما نجده‬
                                 ‫في العبارات المكتوبة على‬
     ‫الذي تتجلى صوره في‬       ‫السيارات والتكاتك وعربات‬
 ‫كافة المجالات‪ ،‬ونحن نعلم‬       ‫الكارو والفول والكشري‪،‬‬
                              ‫التي تحمل رسائل ومعاني‬
   ‫أن تلك العشوائية ليست‬       ‫انفعالية وإيحائية متنوعة‪،‬‬
     ‫وليدة تلك الفترة التي‬
                                    ‫وهي عبارات وأمثال‬
   ‫يعيشها المجتمع المصري‬       ‫وأقوال واقتباسات متعددة‬
    ‫الآن‪ ،‬بل إنها ممتدة من‬
 ‫منتصف سبعينيات القرن‬               ‫المصادر‪ ،‬تكشف عما‬
    ‫الماضي‪ ،‬وبالتحديد منذ‬       ‫يجيش في صدور سائقي‬
  ‫ظهور ما يعرف بالانفتاح‬       ‫تلك المركبات من أحاسيس‬
   ‫الاقتصادي‪ ،‬الذي دارت‬         ‫وما يراود خواطرهم من‬
                                 ‫أفكار‪ ،‬ويرى فيها بعض‬
       ‫بسببه رحى الحرب‬       ‫الباحثين الاجتماعيين صورة‬
   ‫الاجتماعية والاقتصادية‬      ‫توضح جانبًا من شخصية‬

      ‫الجديدة‪ ،‬بين الشعب‬          ‫الفرد والمجتمع‪ ،‬فمعظم‬
  ‫المصري بقيمه الحضارية‬         ‫هذه العبارات تحمل رغبة‬

    ‫والنضالية وبين الطبقة‬
 ‫الطفيلية الجديدة‪ ،‬ممثله في‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211