Page 201 - merit 45
P. 201

‫الملف الثقـافي ‪1 9 9‬‬

     ‫في الحياة نفسها؛ فيبدو‬            ‫(أعني من يطيعون‬             ‫الأقلية العددية التي لا يجب‬
‫ارتباطهم بها واض ًحا ووثي ًقا‪،‬‬       ‫هواهم‪ ،‬وبالأخص لو‬                ‫الحديث عنها بتة من باب‬
 ‫بالسلب والإيجاب‪ ،‬ويبذلون‬            ‫كان يحوي معارضة‬                   ‫رقمي فتبدو أقلية فعلية‬
                                    ‫للنمط السائد والوضع‬
   ‫جه ًدا هائ ًل في إزالتها كي‬                                     ‫ولكن من باب المواطنة فتبدو‬
‫يمروا كأنهم يبذلونه في إزالة‬             ‫المعتاد!)‪ ..‬وكتبها‬           ‫شريكة ومساوية من كل‬
‫عقبات حياتية كي يصفو لهم‬               ‫الرجل بلا مناقشة‪،‬‬
                                   ‫وهكذا قرأت اسمي على‬              ‫جهة ولا تبدو كأنها دخيلة‪،‬‬
              ‫العيش نفسه!‬          ‫توكتوك ووجدت نفسي‬                  ‫وربما تعود قلة العبارات‬
   ‫من العبارات المرقومة على‬            ‫على ظهره‪ ،‬وصرت‬                 ‫المسيحية إلى خشية أبناء‬
   ‫التكاتك‪ ،‬بتشكيلات خطية‬          ‫أسأل الأصدقاء بعدها‪:‬‬               ‫المسيح من تطرف الآخر‬
‫تستقطب الناظرين مهما تكن‪،‬‬          ‫هل وجدتم أنفسكم على‬               ‫المتحفز إلى الصدام والذي‬
‫وقد تصاحبها صور ورسوم‬               ‫ظهور تكاتك من قبل؟!‬               ‫يمكن أن يقلب المسألة إلى‬
‫جذابة أي ًضا‪ ،‬والتي قد يشعر‬         ‫وأضحك من دهشتهم‬
  ‫القارئ بأن معظمهما يصح‬                                           ‫تحد ومعارك مقدسة بائسة!‬
    ‫اختتامه بعلامة التعجب‪،‬‬              ‫ضح ًكا صاخبًا لا‬             ‫قلت لسائق كان يعمل على‬
   ‫وهي خلاف الموجودة على‬           ‫يفهمونه إلا لو شرحت‬               ‫التوكتوك الذي امتلكته في‬
‫الباص أو التاكسي‪ ،‬إلا بعض‬                                             ‫وقت من الأوقات‪ :‬اكتب‪..‬‬
                                        ‫لهم ما حدث‪ ..‬لقد‬
     ‫الكلام يتدانى أحيا ًنا أو‬      ‫كتب السائق ما أمليته‬           ‫«عيش طايع تموت ضايع»‪..‬‬
  ‫يتطابق‪ ،‬ما أورده هنا الآن‬         ‫عليه حينها عاج ًل لأن‬                ‫كنت أسخر من معنى‬
  ‫حا ًل كنماذج وأمثلة‪ ،‬ولكن‬
‫قبل أن أورده أؤكد تأكي ًدا أن‬          ‫الإيقاع أعجبه‪ ،‬وهو أكثر‬       ‫اسمي وقتذاك من فرط ما‬
‫سائق التوكتوك من هؤلاء لا‬            ‫شيء يعجبهم فيما يكتبونه‬        ‫أعانيه بسبب معناه‪ ،‬وكنت‬
‫يعرف «صلاح جاهين» يقينًا‬              ‫على تكاتكهم‪ ،‬وأما العامية‬     ‫أومئ إلى المآل الفظيع الذي‬
 ‫من قريب ولا من بعيد‪ ،‬غير‬           ‫المصرية فإنها اللغة المتداولة‬   ‫يؤول إليه الطائعون عموما‬
  ‫أن لسان حاله‪ ،‬بينما يتنقل‬           ‫بكثافة في مضمارهم‪ ،‬وإن‬
 ‫من مكنة إلى أختها‪ ،‬في رحلة‬          ‫كانوا لا ينكرون الفصحى‪،‬‬
  ‫عسره المتطلعة إلى المياسير‬         ‫ولكن ينقلونها بفهم وبغير‬
                                   ‫فهم‪ ،‬وبأخطائها من المصادر‬
     ‫وفي مخاوفه الجمة التي‬            ‫التي أخذوها منها‪ ،‬وبدون‬
    ‫ينشد‪ ،‬في حدة تموجاتها‪،‬‬            ‫أن يخوضوا في مضامينها‬
 ‫اطمئنا ًنا وأما ًنا‪ ،‬وهذا ديدنه‪،‬‬
 ‫كأنه يقول باستمرار‪ :‬س َّواق‬           ‫خو ًضا كثي ًرا‪ ،‬على عكس‬
  ‫تكاتك «ياما ل ّفيت و ُطفت»‪..‬‬      ‫العامية التي يتحاورون فيها‬
  ‫إلى آخر الرباعية الجاهينية‪،‬‬       ‫حوا ًرا طوي ًل ويضحكون أو‬
  ‫بمبناها ومعناها تقريبًا‪ ،‬إلا‬      ‫يتندرون أو يبدون متعظين؛‬
    ‫قلي ًل قلي ًل‪( ..‬سهير ليالي‬
                                        ‫فالعامية لغتهم الحميمة‬
     ‫ياما ل ّفيت و ُطفت‪ /‬وف‬         ‫ولغة الشوارع الجانبية التي‬
  ‫ليلة راجع في الضلام قمت‬           ‫هي أكثر طرقهم وأحبها إلى‬
‫شفت‪ /‬الخوف كإنه كلب سد‬
  ‫الطريق‪ /‬وكنت عاوز أقتله‬              ‫نفوسهم‪ ،‬بل إن العقبات‬
                                     ‫التي تقابلهم في هذه الطرق‬
         ‫بس خفت‪ /‬عجبي)‬               ‫التي لهم بمثابة اختصارات‬

                                          ‫للعقبات التي تقابلهم‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206