Page 200 - merit 45
P. 200

‫العـدد ‪45‬‬                             ‫‪198‬‬

                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬                            ‫متعل ًما تعلي ًما عاليًا في‬
                                                                     ‫الأغلب‪ ،‬إنما يكون غير‬
                  ‫بالركاكة‪،‬‬        ‫أنفسهم فوضويون ولأن‬             ‫ذي شهادة أص ًل‪ ،‬أو على‬
                  ‫أو أسماء‬           ‫الدولة نفسها غائبة أو‬      ‫الأكثر حاص ًل على الإعدادية‬
                  ‫أشخاص‬                                              ‫أو الدبلوم التجاري أو‬
                                 ‫مقصرة في التنظيم الواجب‬          ‫الصناعي‪ ،‬وهو ما يعكس‬
                     ‫كأبناء‬    ‫لمثل تلك المركبات المستوردة‪،‬‬           ‫ثقافته العامة ويعكس‬
                 ‫السائق أو‬                                       ‫قناعاته الدينية والأخلاقية‬
                  ‫بناته (إن‬           ‫وإن كنت‪ ،‬للأمانة‪ ،‬لا‬        ‫في الصميم‪ ،‬والصدق أنها‬
                                  ‫أنكر فوائد التكاتك‪ ،‬ومنها‬          ‫ثقافة متدنية‪ ،‬وقناعات‬
                   ‫كان هو‬         ‫اختصار المسافات وتوفير‬
                   ‫صاحب‬           ‫النقود للسواد الأعظم من‬              ‫مشوشة مشوهة في‬
                  ‫التوكتوك‬                                         ‫حصائلها النهائية‪ ،‬تخلط‬
                                    ‫الشعب الذي يعاني من‬          ‫العربي بالأجنبي والمصري‬
                     ‫فغالبًا‬     ‫ضغط الظروف الاقتصادية‬          ‫بالخليجي‪ ،‬بدون أدنى قدرة‬
                   ‫ما يكون‬       ‫المتدهورة على الدوام‪ ،‬أقول‬      ‫على الفصل والفرز‪ ،‬وتميل‬
                  ‫التوكتوك‬     ‫إن ما تختاره الطائفة المحددة‬    ‫إلى التشدد الأخلاقي والديني‬
                  ‫مستأج ًرا‬      ‫يشير إلى أذاوق أهلها التي‬     ‫وإن كانت على استعداد كامل‬
                ‫من صاحب‬                                        ‫لارتكاب كل الخطايا والآثام‪،‬‬
               ‫أصلي له) أو‬         ‫سبق وألمحت إليها‪ ،‬وهي‬       ‫بمنتهى الفجر والأريحية‪ ،‬في‬
              ‫كلمات عجيبة‬      ‫الأذواق المتشابهة المتردية إلى‬
                                                                             ‫الوقت نفسه!‬
                    ‫أنتجها‬       ‫حد كبير‪ ،‬أو‪ ،‬بصورة أدق‪،‬‬          ‫تسلل إلى هذه الطبقة ذوو‬
              ‫الواقع الحالي‬       ‫هي الطائفة التي تعبر عن‬      ‫مؤهلات جامعية طب ًعا‪ ،‬بحكم‬
   ‫المركب نفسه‪ ،‬أو ما يؤكد‬       ‫مشاعرها الطبيعية بأشكال‬          ‫البطالة المزرية الباحثة عن‬
 ‫انتماء إلى قيمة ما أو يشتبك‬   ‫شاذة مستفزة لفقرها اللغوي‬
  ‫مع واقع سياسي معين‪ ،‬أو‬                                            ‫خلاص ما‪ ،‬وتسلل إليها‬
 ‫آيات قرآنية وصيغ متعددة‬             ‫والبلاغي‪ ،‬ولكن يكون‬           ‫أناس ودعاء ضاقت بهم‬
‫للصلاة على الرسول الكريم‪،‬‬         ‫تعبيرها المبتذل نفسه لغة‬        ‫الأرزاق فالتمسوها في أية‬
     ‫أو حكمة أنتجها السائق‬     ‫جديدة وبلاغة جديدة‪ ،‬تصلح‬            ‫مهنة‪ ،‬إلا أن الأغلبية هي‬
    ‫نفسه‪ ،‬نجمت عن تجربة‬        ‫للاستقراء مهما اختلفنا معها‬         ‫من النوعية التي ذكرتها‬
    ‫مر بها فحولها إلى عبارة‬    ‫أو اعترضنا عليها‪ ،‬والصحيح‬       ‫ابتداء‪ ،‬وهي نوعية خطرة بلا‬
    ‫ما‪ ،‬ومضى لكتابتها عند‬      ‫عدم الاستهانة بها مهما تكن؛‬       ‫شك‪ ،‬لكنها تعبر عن الحالة‬
  ‫متخصصين في كتابة مثلها‬         ‫لأنها ترسم فترتها الزمنية‬      ‫المنحدرة التي آل إليها وطن‬
  ‫على المركبات (هؤلاء الكتبة‬     ‫بكلياتها رس ًما واض ًحا من‬    ‫كان القائد إلى النور والجمال‬
 ‫المتخصصون يكسبون لقمة‬             ‫العسير أن تستطيعه أداة‬      ‫في ماضيه السحيق وفي جملة‬
‫عيشهم من هذا الأمر البسيط‬        ‫أخرى أيا كانت إمكانياتها‪،‬‬           ‫أعوامه المجيدة الغابرة‪.‬‬
     ‫العابر)‪ ..‬لا يخرج الأمر‬                                       ‫ما يختاره السائقون من‬
  ‫عن هذا الإطار‪ ،‬ولعله إطار‬         ‫وأكثرها عبارات شعبية‬
‫محكم جامع‪ ،‬وقد يلمح المهتم‬     ‫محفوظة موروثة‪ ،‬بتصرفات‬                 ‫العبارات لوضعه على‬
‫عبارات تنتمي إلى الإنجيل أو‬    ‫خاصة في بعض الأحايين‪ ،‬في‬          ‫مركباتهم الخنفسائية التي‬
  ‫تمجيد السيد المسيح‪ ،‬لكنها‬                                     ‫كالسرطان في جسد الدولة‪،‬‬
  ‫قليلة‪ ،‬وقلتها ربما تعود إلى‬    ‫سياقات معينة يغلب عليها‬
‫أقلية أهلها في الوطن بالقياس‬     ‫الاعتداد بالنفس أو المعايرة‬       ‫كالسرطان لأن السائقين‬
  ‫إلى إخوتهم المسلمين‪ ،‬وهي‬       ‫أو ذم الحسد والكراهية أو‬
                                 ‫الشكوى والندم‪ ،‬أو عرض‬
                                ‫حالة اجتماعية أو شخصية‪،‬‬
                               ‫أو يكون الاختيار مقاطع من‬
                                ‫أغاني شائعة تتسم أكثريتها‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205