Page 207 - merit 45
P. 207

‫‪205‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫وسط الناس ويتواجد في‬           ‫جميع أشكال العشوائيات‬       ‫الكمبرادور َّية بقيمها المغايرة‬
    ‫الشارع طوال اليوم‪ ،‬مما‬                        ‫الأخرى‪.‬‬      ‫والمضادة‪ ،‬وهى الحرب التي‬
 ‫يعطيه فرصة لعمل علاقات‬
   ‫متنوعة مع مختلف أنواع‬           ‫شغلانة مسلية‬                    ‫استمرت وشملت مصر‬
                                                                   ‫كلها في ظل العولمة‪ ،‬وقد‬
                    ‫البشر‪.‬‬         ‫تتركز ظاهرة التوك توك‬        ‫سعى مروجو حلم الانفتاح‬
                                       ‫كوسيلة للمواصلات‬         ‫الاقتصادي والثراء السريع‬
    ‫ثقافة التكاتك‬                       ‫السريعة‪ ،‬في الريف‬       ‫إلى خلق مجموعة من القيم‬
                                                               ‫الداعمة لانتشار وتغلغل تلك‬
    ‫ربما يكون انتشار التوك‬          ‫والأحياء الشعبية‪ ،‬حيث‬          ‫الثقافة في المجتمع‪ ،‬حيث‬
 ‫توك هو ما لفت الانتباه إلى‬     ‫الشوارع والحارات الضيقة‪،‬‬            ‫تم ترسيخ قيم الفردية‬

    ‫خطورة ظاهرة العبارات‬               ‫والطرق غير الممهدة‬            ‫والتمركز حول الذات‪،‬‬
  ‫المكتوبة عليه‪ ،‬خاصة وأنها‬     ‫والملتوية‪ ،‬ومع ازدياد الطلب‬    ‫وتغذية الثقافة الاستهلاكية‪.‬‬
  ‫تغيرت من عبارات بسيطة‬
 ‫تحمل حك ًما وأمثا ًل وأقوا ًل‬       ‫عليها‪ ،‬وفي ظل البطالة‬        ‫ونشر ثقافة الفهلوة «اللي‬
  ‫مأثورة‪ ،‬إلى عبارات تعكس‬          ‫المتفشية‪ ،‬وتراجع فرص‬            ‫تغلب به العب به»‪ ،‬التي‬
  ‫ثقافة سلبية‪ ،‬وتحرض على‬           ‫العمل‪ ،‬اتخذها الكثير من‬         ‫تسعى للربح السريع في‬
‫العنف‪ ،‬وبعضها مقزز وغير‬           ‫أبناء تلك المناطق كمصدر‬      ‫مقابل التنازل عن أي شيء‪،‬‬
                                 ‫للرزق‪ ،‬بل اعتبرها البعض‬         ‫تلك القيم التي تعامل معها‬
    ‫أخلاقي وخادش للحياء‪،‬‬          ‫وظيفة ثابتة‪ ،‬لا يرغب في‬           ‫البعض على أنها قانون‬
  ‫«مطلوب مزة شقية تقضي‬             ‫تغييرها‪ ،‬مدعيًا أنه ُيعتبر‬   ‫وشعار المرحلة‪ ،‬كانت سببًا‬
‫معايا الوردية»‪« ،‬عليها جسم‬       ‫حر نفسه‪ ،‬ويعمل بمزاجه‪،‬‬        ‫في طمس الشخصية المصرية‬
‫يودي القسم»‪ ،‬كما أنها تمثل‬       ‫بدون تحكم من أحد‪ ،‬وأنها‬
 ‫خطورة على ثوابت اللغة‪ ،‬إذ‬        ‫شغلانة مسلية‪ ،‬وكل يوم‬               ‫المألوفة‪ ،‬وتراجع قيم‬
 ‫إن شيوع تلك العبارات بما‬           ‫فيها جديد‪ ،‬حيث يعمل‬          ‫الوطنية والجدية والتفاني‬
   ‫تحمله من تحريفات‬
 ‫على المستوى الكتابي‬                                                ‫والإخلاص والشفافية‪،‬‬
 ‫والصوتي والنحوي‬                                                   ‫ولا عيب أن نعترف بأن‬
 ‫والدلالي‪ ،‬وألفة عيون‬                                               ‫خطأنا الدائم هو الغفلة‬

      ‫المارة لهذه الأخطاء‬                                               ‫عن إدراك خطورة‬
‫المتكررة يثبتها‪ ،‬وسرعان‬                                                   ‫تلك المتغيرات في‬
                                                                       ‫وقتها‪ ،‬حيث توهمنا‬
    ‫ما تحل محل القاعدة‬                                                ‫أنها متغيرات تخص‬
    ‫الأصلية‪ .‬ومع أننا لا‬                                               ‫فئة محدودة‪ ،‬وغير‬
     ‫نريد الاسترسال في‬                                                 ‫ذات تأثير على بنية‬
 ‫رصد العناصر السلبية‬                                                   ‫المجتمع الاجتماعية‬
 ‫لهذه الظاهرة‪ ،‬من أجل‬                                                  ‫والثقافية‪ .‬والحقيقة‬
    ‫التركيز على تحليل‬                                                ‫أنها قد أصابت جسم‬
     ‫مضامينها الثقافية‬                                               ‫المجتمع كله‪ ،‬وأزاحت‬
   ‫والاجتماعية‪ ،‬إلا أننا‬                                                  ‫كل ما هو جميل‬
‫نؤكد على خطورتها على‬                                                   ‫وأصيل‪ .‬فعشوائية‬
  ‫اللغة والثقافة بشكل‬                                                 ‫الثقافة في أي مجتمع‬
                                                                      ‫بالضرورة تؤدي إلى‬
   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212