Page 272 - merit 45
P. 272

‫والصور‪ ،‬ونطاق اللاشعور‪ ،‬وهذا‬                                   ‫العـدد ‪45‬‬                         ‫‪270‬‬
  ‫ما فعلته الشاعرة بالغوص بين‬
    ‫الشعر والاختصاص‪ ،‬بترميز‬                                                 ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬  ‫يتفاعل في التواصل المباشر وغير‬
     ‫نصوصها وتنحيتها‪ ،‬وإبراز‬                                                               ‫المباشر بين ما تكتبه من جرأة‬
   ‫قوتها وسلطانها‪ ،‬تمضي قد ًما‬                       ‫سلمى جمو‬                               ‫وتمرد والدلالات التي تضمن‬
   ‫نحو اكتشاف المجهول في القيم‬                                                             ‫رغبة تلك الجرأة والشجاعة في‬
   ‫والمبادئ والاتجاهات‪ ،‬ومعرفة‬               ‫والوعي واللاوعي رصين‬
      ‫حقيقة الذات والدوافع التي‬         ‫ومحكم لدى المحللين النفسيين‪،‬‬                     ‫إحداث ما يجب إحداثه‪ ،‬فالكلمات‬
    ‫تخترقها‪ ،‬مع ترسيخها لفكرة‬                                                             ‫عندها قد يجدها قارئ ما نافذة‬
  ‫أن الإنسان محكوم عليه بقدره‬               ‫ومنها المختصة في الإرشاد‬
      ‫الجغرافي والديني تاريخيًّا‪،‬‬         ‫النفسي وابنة مدينة كوباني‪،‬‬                                      ‫لروحه المنهكة‪:‬‬
  ‫فتحاول تمويه رغباتها الحقيقية‬                                                             ‫« َمن قا َل إن الرجا َل لا ُتن ِج ُب؟‬
     ‫وإلجامها في طوق اللغة‪ ،‬لهذا‬             ‫التي وجهت اهتما ًما كبي ًرا‬
     ‫جاءت قصائدها شبيهة بلغة‬              ‫بالشعر وعلاقته بعلم النفس‪،‬‬                                   ‫انبث ْق ُت منك وفيك‬
      ‫الحلم أو لقطات من مشاهد‬            ‫سواء قدمت الغموض لقرائها‬                                                  ‫طفل ًة‬
 ‫سينمائية‪ ،‬فتظل الحالة الشعرية‬          ‫بوضوح‪ ،‬أو الوضوح بغموض‬                                                     ‫أنثى‬
   ‫محكومة بتنفيس الآلام‪ ،‬بإثارة‬        ‫كما في قصائدها «رسو ٌل مؤم ٌن‬
      ‫الموضوعات‪ ،‬وإشباع ذاتها‬          ‫بك‪ ،‬رو ٌح منبثق ٌة من استثاراتها‪،‬‬                             ‫امرأ ًة متوحد ًة بك»‪.‬‬
          ‫كساردة وذات المتلقي‪.‬‬        ‫أر ٌض مقدس ٌة‪ ،‬كو ٌن يبكي‪ ،‬الأل ُم‪..‬‬                 ‫وقد يجدها الآخر جدرا ًنا يتكئ‬
   ‫تمتلك سلمى جمو لغة شعرية‬
     ‫إبداعية رصينة واحتشادية‪،‬‬               ‫إل ٌه سادي‪ ،‬بيدوفيليا‪ ،‬أنثى‬                      ‫عليها ويريح عن كاهله وجع‬
  ‫بمفرداتها ومصطلحاتها الثمينة‬        ‫الخراب‪ ،‬شجرة الخطيئة» وغيرها‬                       ‫الأيام وقساوة الحرب والخراب‪:‬‬
  ‫والمتدفقة‪ ،‬فالتفكير شع ًرا عندها‬
   ‫هو فت ٌح للقادمين من المستقبل‪،‬‬          ‫من القصائد‪ ،‬ذلك أن الشعر‬                          ‫«ليكن ألمُك‪ /‬فاخ ًرا‪ /‬ممج ًدا‪/‬‬
                                          ‫لديها كفعل كتابي هو مسعى‬                           ‫مبج ًل‪ /..‬كن أه ًل له‪ /‬عام ْله‬
 ‫تعمل على هدم الكثير من المفاهيم‬      ‫سيكولوجي وروحي؛ لأنه يحسن‬                          ‫بوقار‪ /‬بهيبة‪ /‬بجلال‪ /‬افس ْح له‬
    ‫والمعتقدات الخاطئة عن الحب‬        ‫استغلال ممارسة الوعي الذهني‪،‬‬
                                       ‫فيدفعها لتتسلق بلحظات روحية‬                                      ‫من ُكلك‪ /‬كلك»‪.‬‬
‫والجنس والمرأة والحياة‪ ،‬فأدرجت‬         ‫نفسية مكبوتة الإبداع الكامن في‬                     ‫ولربما تكون درو ًبا منيرة ل َمن لا‬
 ‫في حالات من اضطرابات نفسية‬                                                              ‫يرى إلا العتمة ولا يلمس إلا تعب‬
       ‫مزمنة‪ ،‬يخجل المجتمع من‬                       ‫داخلها فنًّا وغذا ًء‪.‬‬                  ‫الأشواك واستخراب العواطف‪:‬‬
   ‫الاعتراف بها وحتى مواجهتها‬           ‫لقد كان عراب التحليل النفسي‬
  ‫أو معالجتها طبيًّا‪ ،‬فهي إذ توجه‬                                                                     ‫«مملك ُة فراش ٍة أن ِت‬
   ‫رسالة اجتماعية مفادها‪ :‬يمكن‬             ‫جد متبصر بالقرابة الوثقى‬                         ‫وأنا فات ٌح مراب ٌط على أسوارك‬
‫للضغوطات النفسية أن تؤدي إلى‬             ‫القائمة بين الشعر ومبحثه‪ ،‬أو‬                      ‫أنثى من فاكهة الخطيئ ِة المعتق ِة‬
 ‫أمراض عضوية‪ ،‬وألا يخاف أحد‬              ‫بمعنى آخر بين مخيلة الشاعر‬
 ‫من الأمراض النفسية ومعالجتها‬                                                                                       ‫أن ِت‬
    ‫من خلال الطب‪ ،‬فصورت بها‬                  ‫مأوى الهوامات‪ ،‬الكلمات‪،‬‬                                     ‫وأنا ذاك الرج ُل‬
     ‫تلك المفاهيم تصوي ًرا دراميًّا‪،‬‬                                                           ‫الذي يرف ُض إلا أن يقض َم‬
 ‫عبر مشاهد تشعرك وكأنك أمام‬                                                                    ‫تفاح َة الخطيئ ِة على يديك»‪.‬‬
     ‫فيلم سينمائي عن التحرش‪،‬‬                                                                 ‫وقد تكون با ًبا لفض نزاعات‬
                                                                                              ‫النفس مع الآخر المختلف أو‬

                                                                                                               ‫المتخلف‪:‬‬
                                                                                                   ‫«الصالحون وأتبا ُعهم‬

                                                                                                        ‫يتهمونني بالكفر‬
                                                                                                     ‫الكافرون وأعوا ُنهم‬
                                                                                            ‫يقولون إنه تنبع ُث مني رائح ُة‬

                                                                                                              ‫إيما ٍن نت ٍن‬
                                                                                                ‫بي َن ذاك وذاك َمن أنا؟!»‪.‬‬
                                                                                          ‫إ ًذا التجاسر بين الكلمة الشعرية‬
   267   268   269   270   271   272   273   274