Page 271 - merit 45
P. 271

‫‪269‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

   ‫يمس ُح بها آثا َر ذكورية نجسة‬        ‫وبشكل مباشر قضية التحرش‬               ‫صريحة ومطلقة‪ ،‬للتحرر من‬
                         ‫ينه ُض‬            ‫واشتهاء الأطفال‪ ،‬ليستنطق‬       ‫«الخوف من التحرر»‪ ،‬للتحرر من‬
                                                                          ‫«التخلص من الأفكار والمعتقدات»‬
             ‫ململ ًما شعاث جيفه‬       ‫ويستنطقنا‪َ :‬من المسبب‪ :‬التربية؟‬
                         ‫راح ًل‬       ‫انعدام الأخلاق؟ غياب مؤسسات‬             ‫التي تعيق ولا تنمي أو تطور‬
                                                                              ‫للعقل والجسد م ًعا‪ ،‬فتقول في‬
                     ‫تار ًكا خل َفه‬        ‫التأهيل والتطوير الخاصة؟‬
                    ‫جث ًة حية!»‪.‬‬            ‫مؤسسات الدولة؟ المجتمع‬                      ‫«شجر ُة الخطيئة»‪:‬‬
    ‫إ ًذا فهذه القصيدة تدل على ما‬      ‫وعاداته وتقاليده؟ غياب الثقافة‬                     ‫«ظلا ُلك تبس ُطها‬
   ‫رآه الفيلسوف والمحلل النفسي‬         ‫والمثقفين؟ أم أنها حالة وراثية؟‬
        ‫الفرنسي الراحل برتراند‬           ‫لكن سلمى جمو تعود وتؤكد‬                   ‫لِتقي الحيارى قي َظ التيه‬
‫بونتاليس «إن الصمت في التحليل‬           ‫لنا في قصيدتها «مجزر ُة جس ٍد‬                      ‫فاكه ُتك الشهي ُة‬
     ‫النفسي هو شرط الكلام‪ ،‬أي‬          ‫أم روح؟!» أن التحرش الجنسي‬
    ‫بمثابة خلفية لا بد منها حتى‬       ‫يجعل من الأنثى جثة حية هشة‪،‬‬                       ‫فاكه ُة الخطيئ ِة هي‬
     ‫ينطلق المحلل من ما هو غير‬       ‫سواء بممارستها عبر الهوامات أو‬                     ‫ُتلقي ب َمن يتناو ُلها‬
       ‫متوقع‪ ،‬أو ما يسميه ج‪.‬ب‪.‬‬              ‫بالأفعال‪ ،‬فتصرخ وتقول‪:‬‬              ‫من سبع سماوا ِت الأعرا ِف‬
   ‫بونتاليس الفكرة الطارئة‪ .‬إنها‬
 ‫الفكرة التي تأتيك رأ ًسا‪ ،‬وبمنأى‬                           ‫«ما هاله‬                             ‫والنمطية‬
    ‫عن الخطاب المنظم للمحادثات‬                               ‫ما همه‬                    ‫إلى أرض التهميش‪.‬‬
   ‫العادية(‪ ،»)1‬وهي بقولها «تار ًكا‬
  ‫خل َفه جث ًة حي ًة» تشير إلى قدرة‬                             ‫تاب َع‬                   ‫شجر ُة بخ ٍت أنت‬
  ‫لغة الصمت على توتير ومجابهة‬                                 ‫تمادى‬       ‫يتهاف ُت عليك المتهافتون؛ للخلاص‬
‫الخوف والقلق والتخلخل باعتباره‬                    ‫تمد َد أكثر على ذاتها‬
    ‫مول ًدا لإحداث تغيير وتوازن‪.‬‬                              ‫لعقا ٌت‬            ‫يعلقون عليك تمائ َم النجاة‬
  ‫إن الكلمة قد تتكرر‪ ،‬وكل تكرار‬                                                                ‫ف ُطوبى لك‬
    ‫قد يكون له رسالة‪ /‬وظيفة‪/‬‬                                    ‫ُقب ٌل‬
 ‫دلالة ما في حقول اللغة‪ ،‬تستعيد‬                ‫ابتساما ٌت مفعم ٌة قذارة‬                      ‫رمزية التمرد‬
‫بريقها‪ ،‬توشوش الذوات والأرواح‬                                                            ‫أبدية الانتفاضة»‪.‬‬
      ‫المفجوعة‪ ،‬تعبر بهمسها على‬                                 ‫ثم‪..‬‬        ‫أن تحلل وجعك‪ ،‬أن تحلل ذاتك‪،‬‬
   ‫أطراف الزوايا المظلمة‪ ،‬فالكلمة‬                      ‫رعشا ٌت دنس ٌة‬            ‫أن تنتقد وتواجه عواصفك‬
‫لها و ْقع وأهمية كبيرة في مضمار‬                  ‫لتتحو َل بع َدها خرق ًة‬       ‫الراسية في بدنك ومساحات‬
‫البحث عن المحتوى الشعري نغ ًما‬                                             ‫روحك بصمت يعني أنك تمارس‬
   ‫ودلالة وخيا ًل‪ ،‬فليس كل كلمة‬                                            ‫لغة الصمت‪ ،‬فالصمت لغتنا الأم‪،‬‬
   ‫قد تجد آذان صاغية‪ ،‬مسموعة‬                                                   ‫وجمو وجدت نفسها مدعوة‬
  ‫كانت أو مكتوبة‪ ،‬فهي الحضور‬                                                 ‫إلى تعلم لغات عديدة‪ ،‬منها لغة‬
     ‫والغياب في آن واحد‪ ،‬أو هي‬                                             ‫الصمت‪ ،‬لغة الكشف عن المستور‬
      ‫بتعبير الفيلسوف الفرنسي‬                                              ‫وفضح الأرواح الفاسدة‪ ،‬وكأنها‬
      ‫دنيس ديدرو «الكلمة ليست‬                                              ‫هي َمن تعاني‪ ،‬وبالتالي أصبحت‬
 ‫الشيء‪ ،‬ولكنها وميض ندرك من‬                                                    ‫ضحية‪ ،‬أو أن هناك َمن كان‬
   ‫خلاله الشيء»‪ ،‬وهذا ما ندركه‬                                               ‫عزي ًزا عليها فعانت وبها عانت‬
  ‫في قصائد جمو من الغياب الذي‬                                              ‫وتعاني‪ ،‬فأصبحت سن ًدا لها ولو‬
                                                                             ‫من خلال قلمها‪ ،‬إلا أن الحقيقة‬
                                                                              ‫هي أنها أو أنهم كانوا صغا ًرا‬
                                                                              ‫أبرياء‪ ،‬ف ُشوهت براءتهم بلغة‬
                                                                           ‫القرف والشهوة‪ ،‬فينهض سؤال‬
                                                                          ‫من تحت أنقاض الحالة أو القضية‬
                                                                             ‫التي نحن بصددها‪ ،‬أقصد هنا‬
   266   267   268   269   270   271   272   273   274