Page 266 - merit 45
P. 266

‫ورفض بين أبناء هذا الجيل‪،‬‬                                ‫العـدد ‪45‬‬                         ‫‪264‬‬
    ‫لكل ما يشدهم للماضي‪ ،‬إنهم‬
‫منغمسون في الحاضر ومشكلاته‪،‬‬                                                ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬       ‫الشخصيات‪ ،‬كهاجس ولعنة‬
‫قلَّما يزورون أو يتعرفون إلى آثار‬                                                       ‫توارثتها الشخصيات عن الأجداد‪،‬‬
‫بلادهم‪ ،‬أو يقرأون تاريخ وطنهم‪،‬‬             ‫أم لطفية القادمة من قرون‬
                                      ‫مضت كانت أكثر تحق ًقا‪ ،‬تباشر‬                        ‫وعلاقتهم بالمكان‪ ،‬الجني يفسد‬
      ‫بتحريض من ناجي تجلس‬             ‫تجارة زوجها بعد موته‪ ،‬وتقابل‬                       ‫حياة راقية وراجية وشهد‪ ،‬وهو‬
  ‫الساردة أمام «الشات» تحاوره‪،‬‬        ‫الغرباء في بيتها‪ ،‬تعقد الصفقات‬
  ‫كي تعرف تاريخ بيت الكريتلية‪،‬‬          ‫التجارية مع أبي زياد‪ ،‬وتنجح‬                          ‫‪-‬في الوقت ذاته‪ -‬يلعب دور‬
                                      ‫في توسعة تجارتها‪ .‬بينما تفشل‬                           ‫الوعي الضدي‪ ،‬من خلال ما‬
     ‫والمنطقة التى يقع فيها‪ .‬لقدر‬     ‫نساء عصرنا الحديث في التحقق‬                           ‫تمارسه الشخصية من تمرد‪،‬‬
‫وقعت في عشق المكان‪ ،‬وصار بيت‬           ‫سواء في الحب أو المحافظة على‬                        ‫حتى لو كان في أبسط صوره‪،‬‬
 ‫الكريتلية مكانها الأثير‪ ،‬تتمنى أن‬   ‫الزوج‪ ،‬فراقية تنهار تما ًما وتتغير‬                 ‫كعدم الرد على اتصالات ناجي أو‬
                                     ‫علاقتها بزوجها وبمن حولها بعد‬                         ‫ياسر‪ ،‬أو رفض شهد استمرار‬
                     ‫تعيش فيه‪.‬‬        ‫وفاة طفلها‪ ،‬تنتقل من السكن في‬                       ‫العلاقة بزوجها‪ ،‬وعشق الجني‪،‬‬
 ‫حينما يلتقي التاريخي بالمعاصر‪،‬‬       ‫الحي الهادئ إلى مكان آخر يعج‬                          ‫وسليمة التي تعشق طقوسها‬
                                                                                             ‫السحرية‪ ،‬وكأنها «مخاوية»‬
   ‫ممث ًل في لطفية وراجية‪ ،‬يعجز‬         ‫بالحياة حتى تنسى مأساتها‪،‬‬
   ‫المعاصر عن الإجابة عن أسئلة‬            ‫وزوجها يتخلى عن فكرة أنه‬                               ‫للجن‪ ،‬فتفلت من غوايته‬
  ‫التاريخى‪« ،‬وجدتني أتنصل من‬           ‫الإنسان السوبر الذي لا يخطئ‬                                            ‫وشروره!‬
                                         ‫أب ًدا‪ ،‬معتر ًفا بعجزه بعد موت‬
     ‫مقابلتها‪ .‬لم يكن لد َّي القدرة‬   ‫صغيره‪ ،‬كما تخضع شهد تما ًما‬                            ‫كل شخصية تتحدث بضمير‬
   ‫على إجابة أسئلتها‪ ..‬لم يكن بي‬       ‫لقوى غيبية تدمر حياتها‪ ،‬والأم‬                       ‫المتكلم‪ ،‬وهذا س َّهل على الكاتبة‬
 ‫طاقة للنميمة المعتادة‪ ،‬أو أحاديث‬         ‫والعمة لا هم لهما إلا قراءة‬                   ‫كشف مشاعر الشخصية‪ ،‬ورسم‬
 ‫السياسة مع كل تلك القذارة التي‬                                                            ‫ملامحها الخاصة‪ ،‬أو تعدل من‬
                                                   ‫الفنجان والثرثرة!‬                     ‫هذه الملامح‪ ،‬الشخصية متحركة‬
                   ‫تعيش بيننا»‪.‬‬          ‫هل تلجأ راجية إلى التاريخي‬                     ‫مرنة في علاقتها بالآخرين‪ ،‬فراقية‬
  ‫بدأت الرواية بحديث راجية عن‬        ‫والأسطوري‪ ،‬عو ًضا عن انتكاسة‬                          ‫لا تميل إلى صبري رئيسها في‬
   ‫نفسها‪ ،‬وحكايات جدها الأكبر‪،‬‬       ‫الواقع‪ ،‬وفشل الحلم‪ ،‬وتحوله إلى‬                     ‫العمل‪ ،‬وهو يبادلها نفس المشاعر‪،‬‬
  ‫وتنتهي بمونولوج لناجي الثائر‬                                                          ‫بل يكن لها الكره ظنًّا أنها تنافسه‬
‫المثقف الذي كفر بالتمرد والثورة‪،‬‬                            ‫كابوس!‬                          ‫في العمل لتحصل علي موقعه‪،‬‬
                                             ‫رواية «جبل يشكر» عمل‬
     ‫فعجز عن تجاوز الإخفاقات‬           ‫يتسم بالجاذبية‪ ،‬فالكاتبة لديها‬                         ‫لكننا ندرك عدم صحة هذه‬
                   ‫والإحباطات‪.‬‬          ‫القدرة على إدارة الصراع بين‬                      ‫النظرة‪ ،‬فمشاعره تتبدل‪ ،‬ويشعر‬
                                     ‫الشخصيات عبر التحكم في حكي‬
 ‫لمست رباب كساب عصبًا عار ًيا‪،‬‬            ‫يزاوج بين الذاتي والجمعي‬                            ‫بالقرب منها‪ ،‬وخوفه عليها‪.‬‬
   ‫وجدت أن التصالح لا يكون إلا‬             ‫والمعاصر والماضي في آن‪.‬‬                        ‫وإذا كانت المرأة في الآني تعاني‬
‫بالرجوع إلى الماضي ومساءلته‪ ،‬لا‬            ‫ثمة انقطاع نفسي ومعرفي‬
                                                                                              ‫اضطرابات نفسية وعراقيل‬
             ‫التماهي فيه وعشقه‬                                                             ‫اجتماعية ونظرة ذكورية‪ ،‬فإن‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271