Page 270 - merit 45
P. 270

‫العـدد ‪45‬‬                    ‫‪268‬‬

                                                                                   ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

                                      ‫لأنك استثناء‪:‬‬

‫حينما يعري الشعر‬
                                                    ‫إدريس سالم‬
      ‫(سوريا) الواقع السام‬

                                      ‫رومانطيق ًّيا‬

   ‫باتت الفواجع والمصائب تدخل‬             ‫من خلال حوار العقل مع لب‬          ‫فرويد‪« :‬إن الشعراء‬                ‫يقول‬
     ‫أدق وأبسط تفاصيل حياتنا‪،‬‬          ‫الشعور‪ ،‬بوجود كيمياء واضحة‬            ‫والروائيين هم أعز‬
                                                                             ‫حلفائنا‪ ،‬وينبغي أن‬
‫لتحاول جمو تحطيم أقفال نصها‬               ‫ولاذعة أثناء تبنيها لأي فكرة‬     ‫نقدر شهادتهم أحسن‬
‫والغوص في سراديبها وسراديب‬              ‫مع مشاعرها‪ ،‬ورفضها لتفكيك‬          ‫تقدير؛ لأنهم يعرفون‬
                                                                              ‫أشياء بين السماء‬
        ‫ذاتها المنهكة بها‪ ،‬فتقول‪:‬‬           ‫الإنسان إلى فكر أو شعور‪،‬‬        ‫والأرض لم تتمكن بعد حكمتنا‬
                     ‫«فا ٌء ومي ٌم‬        ‫منفصلين‪ ،‬إلا أنها ومن خلال‬       ‫المدرسية من الحلم بها‪ ،‬فهم في‬
                                      ‫دائرة المعنى والدلالة تحاول كسر‬         ‫معرفة النفس شيوخنا‪ ،‬نحن‬
       ‫فواج ُع بات ْت تحتل أدم َغتنا‬  ‫المحجور على تلك التربية والثقافة‬     ‫الناس العاديون‪ ،‬لأنهم يرتوون‬
                       ‫وواق َعنا‬          ‫الاجتماعية المكبوتة والمقفولة‬   ‫من منابع لم يتمكن العلم بعد من‬
                                       ‫والمغلوقة‪ ،‬سواء في لسان الوعي‬
         ‫حتى أصب ْحنا كالمدمنين‬                                                                 ‫بلوغها»‪.‬‬
      ‫لا ُنجي ُد غير النحي ِب حرف ًة‬                      ‫أو اللاوعي‪.‬‬     ‫في ديوان «لأنك استثناء» الصادر‬
    ‫مآ ٍس نتشر ُبها كلما حاص َرنا‬             ‫هي قد وهبت نفسها من‬
                                          ‫خلال ذاك التحليل على قراءة‬          ‫عام ‪ 2021‬عن دار ببلومانيا‬
                 ‫عط ُش التمرد»‪.‬‬            ‫لغة الأعراض لتلك الأمراض‬        ‫للنشر والتوزيع في مصر تجمع‬
  ‫قد يواجه القارئ مستوى عاليًا‬                 ‫والاضطرابات النفسية‪،‬‬
‫من الموضوعات والقضايا الجدلية‬                 ‫كالشيزوفرينيا والسادية‬         ‫الشاعرة الكردية سلمى جمو‬
   ‫المثيرة مجتمعيًّا في هذا الكتاب‬    ‫والبيدوفيليا والبارانويا والتحرش‬          ‫شع ًرا روحيًّا نفسيًّا معل ًقا‬
  ‫الشعري‪ ،‬فالكثير منهم قد يمنع‬            ‫الجنسي والعلاقة التراجيدية‬
   ‫أو يعارض محتوى هكذا كتب‬              ‫بين الرجل والمرأة‪ ،‬فهي مث ًل في‬      ‫بين السماء والأرض بالتحليل‬
                                          ‫قصيدة «شيزوفرينيا الكون»‬         ‫النفسي‪ ،‬فهي ولكونها مختصة‬
      ‫من التداول وأخذ مساحات‬             ‫تضعنا في مواجهة حقيقية مع‬          ‫في الإرشاد النفسي قد تطرقت‬
   ‫أبعد إلى المطلوب؛ لجرأة الطرح‬      ‫الف َصامية التي أصابتنا‪ ،‬وأصابت‬    ‫وأجاد ِت الوصف بمفهومه الدقيق‬
‫وتمرد الفكرة واللغة على الصعيد‬        ‫مجتمعاتنا على نحو آخر‪ ،‬وجعلتنا‬      ‫إلى قراءة المجتمع الشرقي ( ُكر ًدا‬
  ‫النفسي والاجتماعي والجنسي‪،‬‬               ‫ُنصاب بجنون العظمة‪ ،‬حتى‬       ‫وعر ًبا)‪ ،‬والتعمق بعي ًدا في أمراضه‬
‫والتشبيهات السهلة الممتنعة خيا ًل‬                                          ‫المخيفة والمستفحلة أكثر فأكثر‪،‬‬
  ‫وتصوي ًرا ولغ ًة‪ ،‬لكنها وبكتابها‬
  ‫وكتاباتها هي (الشاعرة) دعوة‬
   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274