Page 109 - merit 46 oct 2022
P. 109
107 إبداع ومبدعون
قصــة
سندس عبد القادر ميدي
(ليبيا)
ثالوث السقوط
فاجعة ُمرتبكة ،في حيرة من أمرها :لماذا هذا الحلم الثالوث -1طفلة:
بالذات كل يوم؟!
ولم تترك طبيبًا نفسيًّا إلا الجواب المنطقي، لم تجد
لمعضلتها .منهم من أعطاها إليه طالب ًة جواب وذهبت ودد ُت أن أكون طفلة؛ تصنع كيكة شوكولاتة بالطين.
دوا ًء للاكتئاب .ومنهم من أصر على أن تبتعد عن طفلة تخترع مائدتها الخاصة في عالمها الخاص،
السهر ،وآخر أجرى عليها مس ٌح كامل للدماغ ،والأخر وتستخدم المعلبات الفارغة كصحون ،طفلة تركض
مسافات بعيدة دون خوف من شيء .تذهب أينما
نصحها بذلك الشيخ المشهور الذي يبطل السحر! تريد ،تركض في الشوارع وتصارع القطط وتهرب من
مُربشمااييخكالومننطقسةحو ًرام أنوخاحرسجًداه!ا مصر ًحا أن علتها أفععلوتدهطففيلاةلنتهقار،ضيو ادلدن ُهتا أرنلعأبًكاوونفيطافلللةيلكل أن الكلاب،
أي ًضا، لقد لجأت إلى كل ما ِف سرد
ويرد ك ٌّل منهم« :أن ِت مسحورة»« ،لقد أُصب ِت بالعين». ما يهمها الحلوى واللعب ،طفلة لا تعرف شيئًا عن
وبرر أحد المشايخ السبب قائ ًل :أحدهم يحسد ِك على الحروب والأشجان والشتاء ،أن أكون طفلة طوال
شي ٍء ثمين ،وأن ِت تسقطين في حسده المتجدد كل يوم، عمري ،طفلة ترى الموت مجرد اختفاء غريب ونكتة
اولليعخنبةرعِكلىالالمحلجمتبمذعل ،أكليتحسذيل ًرداي.هم سبب وجيه غير غامضة.
السحر والحسد والعين! -2الغريبة:
أن أعود غريب ًة كما كن ُت قبل أن أولد ،كما كن ُت قبل
في يوم من أيام البحث عن الحلول غير الموجودة، أ ُِمنفاهامزجلهر ٍدسةاأبعوادطٍتني.يأط،وأشيلنرةأ،بعقوامائد ًءمةغورآميكبكاًةللماافلت ُحخيب َسزفالبرأغكعإةين َطشساواغنلرييبعةيُ ،ش
جلس ْت مريم بضجر ِف غرفة انتظار المُرشد النفسي، الوقت .لا مواعيد ولا تقيدات تعكر صفوي .أفع ُل ما
وهناك التقت بامرأة سمراء سبعينية ،وهي ُتجيد قراءة
الفنجان ،وأخبرتها أمر ذلك الحلم الغريب؛ وبمجرد
أن أنهت مريم ما في ُجعبتها من كلام ،قالت لها أأورعلياو ُدأُدعوغرقرتيمفبا.ةأرخيفدي ًةدومنن أسين ًة.أفلاكرأ فحي ُبشولاخ أُ ٍصحبغ؛يرلايأ.عأرن ُف
السبعينية« :تعالي ،سنشرب القهوة ثم أقرأ فنجانك،
هناك شيء غريب في هذا الحلم» ،واعطتها عنوان
سكنها ،تظاهرت مريم أنها مهتمة بأمر قراءة فنجانها -3موت:
اللعين ،وقطعت للسبعينية وع ًدا كاذ ًبا ،أنها ستمضي ليتني كن ُتك يا موت ،لا أحد يحبني لا أحد يشتاق إل َّي.
العشية معها غ ًدا. أشغل الوظيفة التي خلق ُت لأجلها .يلعنني الجميع
لم تزرها قط. يكرهني الجميع .فأنا لا يهمني هذا؛ أعيش لقبض
أرواح ال ُكل؛ عندي الجميع سواسية والجميع أروا ٌح
*** ستقبض يو ًما ما ،لا أخدم أح ًدا غير ربي ،لا أبكي،
مرت الأيام والأشهر وهي لا تزال تحلم بذلك الحلم. لا أحزن ،لن أضطر لمعالجة العلاقات الفاترة .أعمل
استمر في مطاردتها ولم يتوقف عن ملاحقتها، فحسب ولا أحد يضيق على نفسي .بعي ًدا عن مشاعر
الإنسان القاتلة.
وتعودت بدورها على المطاردة ،واعتادت السقوط
المستمر في الحلم بصدر مفتوح ،لم تعد تهتم بالأمر، سقوط بلا نهاية
ولم تذهب هنا وهناك هاربة من هذا الحلم بعد الآن. «تسق ُط من عل ٍو شاهق ،سقوط لا نهاية له ،تصرخ
بملء حنجرتها والهاوية لا قاع لها ،تستمر في
هل علينا أن نعتاد على مشاكلنا لنحيا؟
السقوط ،مكا ٌن مقفر مظلم وتستمر هي بالسقوط»..
والآن تسقط كل ليلة وسط الظلام ،وسط صرخات لا هذا هو الحلم الذي ُيطارد مريم كل ليلة! تستيقظ
يسمعها أح ٌد غي ُرها.