Page 114 - merit 46 oct 2022
P. 114
العـدد 46 112
أكتوبر ٢٠٢2
التجاوز عن ذلك تب ًعا لمقتضيات الأحاديث التي الإيقاع« ،لكي يكتب المرء جي ًدا» ،يقول بوفون:
يفهمها أخوتنا في عالم الصحافة ،لكن الحقيقة غير «ينبغي أن يهيمن أو ًل على موضوعه» .كما ينبغي
ذلك والمهم أنها واضحة في ثنايا الرواية :المسألة أن يفكر المؤلف بالقدر الذي يسمح له أن يرى
فردية وليست قضية امرأة في مجتمع .تحب أن بوضوح نظام أفكاره ،وأن يصوغ ذلك النظام
تراها كذلك ،لا بأس ،هذا صحي وجيد ،لكن المهم في قالب متتابع وسلسة متصلة تحمل كل حلقة
أن المؤلفة لم تجعل هذا مكتو ًبا في إعلان بالنيون منها فكرة أن الإنتاج الذي يعرف صاحبه كيف
وإلا تهدم كل شيء في بنيان العمل .وما يستحق يكتبه ،هو الذي يبقى للأجيال القادمة ،بل إن
الإشادة أنها فعلته بتلقائية مدهشة لا يبدو معها النص يجب أن يكتسب وسيلة سرده من روح
أنها تتحدى رقيب أو تقاليد ،فإذا وقعت البطلة أغراضه .النص اللاهث حتمي لمناقشة ماذا حدث
في هواجس حمراء أعلنت ذلك ببساطة دون أن ح ًقا؟ ولماذا جرى؟ وكيف أمكن حدوث ذلك؟
تتسلل من باب خلفي لتقول أشياء مشينة فاحشة ومع ذلك فإن كمية عظيمة من أدوات البحث
كما تفعل نسويات كثيرات للأسف بشكل مزعج المستجدة تلزم النص الذي سوف يفرض تبديلات
أساسية في التحليل والحجج التي حثت الكاتب
ومضحك ومثير للشفقة. على طرحه الأصلي ،فيبدو له عند كل مراجعة أنه
ثالثًا :شاعرية الصورة :تقول البطلة (في خطاب في من المستحسن أن ُيبدل في الهوامش ،استشهادات
مكان أخرى ،أو يضيف أخرى عديدة ،حتى إذا
حلم في خاطر)« :فلتد ُع الجمهور الآن ليحتشد.. فعل ذلك بات النص مزي ًدا عليه وصارت جميع
قف على خشبة مسرحك ،واعلن عن فتح الستارة
هذه التبديلات ذات طابع تقني محض.
ثانية ..سأفتح أزرار قميصي وأقف أمامك تغوص المؤلفة هنا في ُجب الراوية كما صعدت قمة
عارية ،هيَّا اغرس أظافرك في جلدي وانتقم ،مزق شاهقة في روايتها (جبل التيه) ،استطاعت ببراعة
أحشائي ،ابحث في صدري عن كتلة لحم تحترق،
أن تخرج من إطارها الأسطوري هنا ،اللهم إلا
احكم عليها قبضتك ،اعصرها ،فتِّتها في يدك.. عبارات مثل (قبل القربان ..عليك الآن أن تنحني،
فتِّش في ذاكرة اللحم عن شيء آخر غيرك ..لن ارفع يدك ،ح ِّرك عصاك ،لتعزف الأوركسترا أوبرا
الموت مع ظل ينزوي في ركن المسرح هناك حيث لا
تجد! آلمك صريخ الصمت في دمي ..أوجعتك ضوء .وليسدل الستار ،وصوت اللحم الذي تلوكه
كرابيج هلاوسي!» .يجب تذ ُّكر الحراك الذي خلقه أفواههم يصرخ ،ينظر في عتمة صدرك ،يتساءل
كل من وولف وكونديرا وموراكامي في نماذج في استهجان :كيف لم تفهم
بشرية في غاية الرقة والرهافة وشاعرية الحركة طقوس عبادتي ..كيف
وحرية الأطراف وخصلات الشعر في تجاوب أغلقت في وجهي معبدك؟!».
مع تعبيرات الوجوه وألوان لا يوجد كلام كبير زاعق
الملابس ،ومن حيث اعتبار عن انهيار القيم وضبابية
الجسد مركز كون الإنسان، المشهد والقهر المجتمعي،
وصار الانغماس في ملذات ليس بشكل مباشر ،لم
تسقط في هذا الفخ وقالت
الحياة الدنيا أسلوب حياة ما تريده ببساطة ودون
ونو ًعا من استخدام الجسد صخب .حتى لو انزلقت
المؤلفة في تفسير وجود
في عملية شكر مستمرة الرجل هنا رم ًزا لكل
للخالق بعد حوالي ثمانية الرجال عندنا ،فيمكننا
قرون من طمس المسيحية
للمنجز الوثني وعبادة
المرأة ،إذ تجلَّت الجهود
الذاتية لجوارينو جورانيي
وليون ألبرتي ودسيدريوس