Page 7 - merit 41- may 2022
P. 7
افتتاحية 5
يصاحبه من رفض للعلم ،أو على الأقل التقليل وأنه جمع المكتوب وحرقه ،ورواية عن أن
من قيمته باعتبار أن القرآن سبقه بـ 15قر ًنا عمر بن الخطاب كان يمسك الراوي من خناقه
في وضع النظريات! وأن الله س َّخر لنا (الكفار)
لكي يخترعوا ويصنعوا ونستهلك نحن دون ويطلب منه أن يأتي ببينة على ما يروي أو
يقتله ،وأنه كان يطارد الرواة بالعصا ،حتى
عناء ..كما قال الشيخ الشعراوي في أحد أن أبا هريرة ذكر أنهم لم يكونوا يستطيعون
أحاديثه.
الرواية في عهده.
الاهتمام بالثقافة الدينية ليس اهتما ًما بالدين أقول لك إنني لا أنافس مدرسي وأساتذة
بقدر ما هو اهتمام بتأثير الدين على المجتمع المدارس والمعاهد الدينية في معرفة كذب أو
وتطوره ،وعلى العلاقة بين الناس التي تنعكس تدليس رواة الأحاديث لأن أمر الأحاديث لا
يشغلني أص ًل ،لكنني مهتم بـ»الثقافة الدينية»
على الدولة والقانون والأحزاب والسياسة العامة التي يستقيها المسلم العادي –غير
والفن والثقافة ..فالمجتمعات التي سبقتنا المتبحر -من مصاد ِر بثِّ َها ،في خطب الجمعة
على مقاييس العلم والتكنولوجيا والحضارة، ودروس الوعظ في المساجد -التي تو ِّجه
استطاعت أن تضع الثقافة الدينية في موضع خطابها لمرتاديها وغيرهم جب ًرا وغصبًا بتعليق
لا يؤثر على التطور في كل جوانبه ،خاصة ميكروفونات قوية في الاتجاهات الأربعة! ،-وفي
التطور الاقتصادي ،واستخدمت القانون أداة برامج الفضائيات وأحاديث وفضفضات موقع
حاسمة للفصل بين الناس ،باعتباره نصو ًصا يوتيوب ،وفي المطبوعات الكثيرة ،الرسمية وغير
واضحة لا لبس فيها ،فيها عقوبات معلومة على الرسمية ،التي تطبعها مؤسسة الأزهر ودور
أي خروج عن القواعد المجتمعية ،وهذا يخالف النشر التي تريد أن تتربح من التجارة فيها
المراوحات الموجودة في النصوص الدينية، -مثل مئات دور النشر المتخصصة في إعادة
والتفسيرات المختلفة التي تتناقض من التحليل طباعة كتب التراث الشهيرة في مصر ،-وفي
الكامل إلى التحريم الكامل أحيا ًنا ،وهو ما يؤدي الإذاعات الدينية المتخصصة والبرامج الإذاعية
لدينا إلى العنف والقتال المسلح غالبًا لفرض أحد التي ُت َب ُّث من الإذاعات العامة المُنّ َّوعة ،ومن
الفتاوى التي يطلقها لي ًل نها ًرا جي ٌش ممن يقال
التفسيرات بالقوة. إنهم متخصصون ،كل هؤلاء وأولئك لا يتركون
هذا الفهم العام لما أسميته «الثقافة الدينية» صغيرة ولا كبيرة من أمور الحياة إلا د ُّسوا
لا يجوز معه أن ُيوا َجه كل متحدث بأنه غير أنوفهم فيها ،من ختان البنات إلى المشاركة في
متخصص ،لأننا لا نتسابق في إثبات أو نفي الانتخابات وفوائد البنوك والعمل في السياحة
قول ورد عن الرسول منذ ألف وأربعمائة
عام ،فهذا القول -مع كامل التبجيل للدين والزواج عن حب وزنا العين ..إلخ.
ومعتنقيه -لا يكون مؤث ًرا أو ضرور ًّيا إلا بقدر و»الثقافة الدينية» ليست الدين بالضرورة ،أو
تأثيره على الحياة في اللحظة الراهنة ،كما لا -لنكون واضحين -هي بالفعل ليست الدين،
نتسابق على إثبات نسخ آية أو حكم إلا بقدر
ما نحتاجه بمقاييس اليوم ،فمث ًل يمكن النظر نستطيع القول إنها بعض قشور الدين كما
إلى آلاف الفتاوى التي أطلقها مدرسو وأساتذة يفهمونه ،مختلطة بالعادات والتقاليد التي
المواد الدينية في المدارس والمعاهد في موضوع تفرضها كل بيئة على أهلها ،بجانب لخبطات
وجوب ختان الإناث باعتبارها سنة مؤكدة، تأتي من التعليم الرديء الذي نتعلمه في
ومدى تأثير هذه الفتاوى على تماسك العائلات مدارسنا ،والثقافة المشوشة التي نحصل
وصمود الزيجات وتشرد الأولاد ،وبالتالي عليها من تداخل الأصوات والأفكار التي ُتب ُّث
على تماسك المجتمع نفسه ..هذه الفتاوى التي في الفضائيات والمساجد ،كل ذلك ُيع َج ُن في
أنكرها شيخ الأزهر مؤخ ًرا دون أن يقدم اعتذار بوتقة ال َق َبلِيَّة والرغبة في العودة إلى الوراء بما