Page 98 - merit 41- may 2022
P. 98

‫العـدد ‪41‬‬  ‫‪96‬‬

                                                          ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

‫إسلام أبو شكير‬

‫(سوريا)‬

‫خدا ٌع بصر ٌّي‬

‫بشأن هذا الخلل‪ ،‬طالما أ َّنه صغي ٌر إلى هذا الح ِّد‪ ،‬ولا‬   ‫كانت أمام المرآة في غرفة النوم‪ .‬لمس ٌة واحد ٌة أخيرة‬
      ‫يحتاج التعامل معه إلى أكثر من لمس ٍة عابرة‪..‬‬         ‫قبل أن تخرج‪ .‬كانت قد أحكمت إغلاق الز ِّر الأخير‬
                                                          ‫في قميصها‪ ،‬وش َّدت ح َّمالة صدرها إلى الأسفل قلي ًل‬
    ‫كانت قد رفعت الغطاء الذهب ِّي عن قلم الحمرة‪،‬‬           ‫لتريح ثدييها بعد أن شعرت أ َّنهما مضغوطان أكثر‬
  ‫وح َّركت يدها به با ِّتجاه شفتيها‪ ،‬عندما د َّوى ذلك‬      ‫م َّما يجب‪ ،‬ث َّم ع َّدلت الياقة‪ ،‬وأرجعت خصلة الشعر‬

                                      ‫الصوت‪..‬‬                 ‫فوق جبينها‪ ،‬وبقيت الشفتان‪ .‬خلل بسيط ج ًّدا‪،‬‬
                                                             ‫ويكاد يكون غير ملحوظ‪ ،‬في أحمر الشفاه‪ .‬كانت‬
                ‫***‬                                       ‫على وشك إصلاحه‪ ،‬بإضافة طبق ٍة خفيف ٍة عند الشفة‬
                                                            ‫السفلى‪ ،‬في جز ٍء صغي ٍر منها‪ ،‬عند الوسط تحدي ًدا‪،‬‬
 ‫عبرت الرصاصة النافذة المفتوحة‪ ،‬من فوق كتفها‪،‬‬                ‫حيث الامتلاء والنضج والثقل‪ .‬بدا لها اللون هنا‬
  ‫واصطدمت بالمرآة‪ .‬لم يكن الدو ُّي وحده هو الذي‬
 ‫جعلها تجفل‪ ،‬وتسقط قلم الحمرة من يدها‪ .‬هنالك‬                   ‫في هذه النقطة الصغيرة الدقيقة باهتًا نو ًعا ما‪،‬‬
   ‫‪-‬خصو ًصا‪ -‬هذا الأزيز المرعب للرصاصة أثناء‬                ‫مقارن ًة بما يحيط به‪ .‬ح َّركت رأسها يمينًا ويسا ًرا‬
 ‫مرورها قريبًا منها‪ .‬أزيز أو صفير‪ .‬لعلَّه أقرب إلى‬           ‫م َّرتين أو ثلا ًثا‪ ،‬وز َّمت شفتيها‪ ،‬ولعقتهما بطرف‬
 ‫الصوت الذي يصدر عن منشا ٍر يم ُّر داخل الحديد‪،‬‬
                                                              ‫لسانها‪ ،‬ث َّم م َّطت عنقها نحو المرآة‪ ،‬وقد ضيَّقت‬
    ‫لكنَّه مكثَّ ٌف‪ ،‬ومضغو ٌط‪ ،‬ومصقو ٌل‪ ،‬وواخ ٌز‪ ،‬بما‬     ‫عينيها قلي ًل‪ .‬أرادت أن تتأ َّكد من أ َّنها ليست ضحيَّة‬
    ‫يجعل تأثيره مضاع ًفا عشرات الم َّرات‪ ،‬لا سيَّما‬        ‫خدا ٍع بصر ٍّي بسبب اختلاف درجة الإضاءة داخل‬
   ‫عندما لا يعود الحديد حدي ًدا‪ ،‬بل يصبح بطراوة‬
                                                             ‫الغرفة‪ ،‬وأ َّن الخلل يكمن فع ًل في نق ٍص بسي ٍط في‬
                          ‫اللحم الح ِّي وسخونته‪.‬‬           ‫طبقة اللون‪ .‬نقص لا ينفع معه مسح الشفة بطرف‬
       ‫ح َّطمت الرصاصة المرآة بطبيعة الحال‪ .‬رأت‬
‫شظاياها تتطاير في الهواء‪ .‬لا تتطاير‪ ،‬بل تعوم على‬               ‫الإصبع لم ِّد اللون وتوحيد درجته‪ ،‬بل لا ب َّد من‬
 ‫وجه الد ِّقة‪ .‬شظايا صغيرة أشبه بشرارات الجمر‪.‬‬                          ‫تمرير قلم الحمرة فوقه لس ِّد الثغرة‪.‬‬
‫تلتمع في الهواء جز ًءا من الثانية‪ ،‬ث َّم تنطفئ دون أن‬
‫تخلِّف وراءها أ َّي أثر‪ .‬وحده المشهد داخل المرآة ظ َّل‬    ‫كانت على يقي ٍن من أ َّن أح ًدا لن ينتبه‪ ،‬ما لم يكن على‬
‫متماس ًكا وصلبًا‪ ،‬كما لو أ َّن قشر ًة خفيف ًة من زجاج‬       ‫مساف ٍة كافية‪ ،‬وير ِّكز النظر على نحو شديد الد َّقة‪،‬‬
    ‫ٍش َّفا ٍف ه ٍّش تفصل بينه وبين الخارج هي التي‬
                                                          ‫الأمر الذي تستبعد حدوثه في مشوارها السريع هذا‬
                                                          ‫الصباح للتس ُّوق‪ ،‬حيث لا ُيح َتمل أن تلتقي بشخ ٍص‬

                                                               ‫يعرفها أو تعرفه‪ .‬ومع ذلك لم تشأ أن تتهاون‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103