Page 113 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 113

‫نون النسوة ‪1 1 1‬‬                                           ‫عن الآراء السياسية ورفض الاستعمار‪ ،‬ومقاومة الفساد‪.‬‬
                                                               ‫وهناك مرحلة جديدة تعرف بالمسرح التنموى‪ ،‬الذى‬
     ‫في مسرحيته «الناسك الأسود» قدم الكاتب «جيمس‬
     ‫نجونجي» فكرة الجسد‪ ،‬ولكنه حرص على تقديمها‬              ‫استفاد من مسرح بريخت‪ ،‬وهو مسرح تحريضى قائم‬
     ‫بصورة غير مباشرة أي ًضا في رؤية المجتمع للبطلة‬         ‫على فكرة التثوير ومخاطبة الجماهير‪ ،‬وقد ظهر فى كينيا‬
  ‫أنها امرأة بلا زوج ولا بد أن تبحث عن رجل آخر‪ ،‬لأن‬
‫جسدها أصبح كالأرض البور‪ .‬وذلك من خلال شخصية‬                   ‫فى الستينيات‪ ،‬ونقله الأفارقة الذين تمكنوا من السفر‬
   ‫ثوني الزوجة وشخصية الأم كشخصيتين محوريتين‬                ‫إلى أوروبا‪ ،‬وهذا النوع يخاطب العمال والفلاحين بشكل‬
‫ومعهما شخصية ذكورية محورية واحدة وهي شخصية‬                 ‫أساسي‪ ،‬لأن بعض العروض تعتمد على الحكي‪ ،‬لذلك فقد‬
   ‫الزوج‪ .‬أما في مسرحية «ويمين» للكاتب «ثولاني س‪.‬‬
       ‫متشالي» فهناك شخصية محورية نسائية واحدة‬                ‫يكون العرض على خشبة مستديرة أو في الساحات(‪.)2‬‬
    ‫«تسوريللو» وشخصية ذكورية واحدة «مليتشي»(‪.)3‬‬                ‫وللمسرح الشعبي أساس ثقافي قوي في أفريقيا‪ ،‬مما‬
‫وقد تبين أي ًضا أن كاتبين من الرجال وظفا دور المرأة في‬         ‫يجعله وسيلة تعبيرية مهمة‪ .‬تتمتع معظم المجتمعات‬
  ‫السحر والزار دراميًّا‪ ،‬وهما جيمس نجونجي وثولاني‬              ‫الأفريقية بتقاليد شفوية يرتبط بها المسرح‪ ،‬وهو في‬
       ‫س‪ .‬متشالي‪ ،‬بينما انفردت كاتبة واحدة فقط بهذا‬        ‫الواقع جزء منها‪ .‬كالتقاليد الاجتماعية في المناطق الريفية‬
     ‫التوظيف وهي أما أتا أيدو‪ ،‬ولعل السبب في ذلك هو‬           ‫حيث يعيش معظم السكان في معظم البلدان الأفريقية‪.‬‬
    ‫إيمان الرجل أن المرأة ذات خيال واسع يجعلها تؤمن‬             ‫ومن خلال قراءة بعض الأعمال المسرحية الأفريقية‬
     ‫بأشياء خارقة للطبيعة بخلاف الرجل‪ ،‬وبالتالي قدم‬         ‫فإن المرأة كانت الشخصية الرئيسية عند ُكتاب و ًكاتبات‬
    ‫الكتَّاب الرجال نموذج المرأة ذات الخيال الواسع‪ ،‬أما‬      ‫المسرح الأفريقي‪ ،‬حيث تدور حولها الأحداث من خلال‬
‫الكاتبات النساء فناد ًرا ما يعترفن بخيالهن الواسع المتمثل‬      ‫قضايا تمسها بشكل كبير‪ ،‬فأصبحت المرأة تتعرض‬
     ‫في اللجوء للخرافات والذي‪ ،‬أحيا ًنا‪ ،‬يوصلهن لهدف‬       ‫للقهر نتيجة الاستعمار الذي ر َّسخ الفكر الذكوري‪ ،‬وكان‬
  ‫الاستعمار وهو أن تظل المرأة تعاني من الأمية والجهل‬        ‫السبب في انتشاره داخل العديد من البلدان‪ ،‬وعند تحليل‬
    ‫وتعيش في تلك الخيالات التي تبعدها عن العلم وعن‬         ‫النصوص المسرحية في ضوء النظرية النسوية ونظرية ما‬
 ‫النضج العقلي وبالتالي حذرت النظرية النسوية المرأة من‬      ‫بعد الكولونيالية؛ وهما النظريتان اللتان أبرزتا العديد من‬
                                                           ‫المشكلات التي تعرضت لها‪ ،‬فإننا نجد‬
                      ‫خيالها الواسع الزائد عن الحد‪.‬‬           ‫أن تناول الشخصيات النسائية‬
    ‫أما عن الكاتبات؛ فلأكثر من سبعة عقود من حياتها‪،‬‬           ‫كشخصيات رئيسية دليل على‬
 ‫نشرت الكاتبة الغانية (آما أتا آيدو)‪ ،‬العديد من الروايات‬     ‫بداية انفتاح ثقافي يهتم بالمرأة‬
   ‫الحائزة على جوائز‪ ،‬والمسرحيات‪ ،‬والقصص القصيرة‬
  ‫والشعر وقصص الأطفال‪ ،‬وألهمت العديد من الكاتبات‬                ‫كعنصر مؤثر في المجتمع‪.‬‬
‫الأفريقيات من مختلف الأجيال‪ ،‬رسمت المرأة‪ ،‬كمستودع‬
     ‫للحكمة في العديد من أعمالها الروائية والقصصية‪،‬‬
  ‫وشخصياتها الإبداعية النسائية عادة ما تكون مترددة‬
    ‫فيما يتعلق بالأمومة‪ ،‬ففي روايتها الثانية (تغييرات‪-‬‬
     ‫قصة ُحب)‪ ،‬تقوم إيساي‪ ،‬إحدى شخصيات الرواية‬
     ‫بترك مولودها مع أمها‪ ،‬ثم تمضي لتعيش مع رجل‬
 ‫آخر كزوجة ثانية‪ ،‬بعد تعرضها للاغتصاب الزوجي من‬

                                    ‫زوجها الأول‪.‬‬
 ‫وفي تعليق لها عن الرواية‪ ،‬تقول آيدو‪« :‬المرأة الأفريقية‪،‬‬
  ‫تتقبل شخصية إيساي‪ ،‬ولا ترى أن هنالك أي مشكلة»‪.‬‬
‫ولكن في أوروبا‪ ،‬كان الوضع مختل ًفا‪ ،‬حي ُث ووجهت بنقد‪،‬‬
  ‫واتهمت بأنها (أنانية) و(أم سيئة)‪ .‬ومرة أخرى تدافع‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118