Page 108 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 108

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪106‬‬

                                                ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

                                     ‫السياسي‪.‬‬   ‫الثقافية التي تختلف في جزئياتها وتفصيلاتها من‬
‫وقد تستهدف النساء بالاغتصاب ليس فقط لأنهن‬                                         ‫مجتمع لآخر‪.‬‬

   ‫نساء‪ ،‬بل أي ًضا بسبب وضعهن الاجتماعي‪ ،‬أو‬             ‫ولقد عانت المرأة الأفريقية من الانتهاكات‬
 ‫أصلهن العرقي‪ ،‬أو دينهن أو طبيعتهن الجنسية‪،‬‬        ‫لحقوقها في حياة كريمة آمنة‪ ،‬واستخدامها في‬
                                                   ‫الحروب والنزاعات القبلية‪ ،‬فمنذ انهيار الدولة‬
    ‫ففي رواندا يقدر بأنه تم ارتكاب ما بين ربع‬      ‫في الصومال ‪ ،1991‬وسقوط نظام سياد بيري‬
   ‫ونصف مليون عملية اغتصاب خلال مائة يوم‬          ‫أدى إلى زعزعة الأمن الإقليمي بصورة خطيرة‪،‬‬
                                                   ‫ونزوح اللاجئين بأعداد كبيرة وحدوث تهجير‬
     ‫من العنف الذي يشكل إبادة جماعية في عام‬          ‫داخلي‪ ،‬وهو ما كان له أبلغ الأثر على أوضاع‬
                                      ‫‪.)8(1994‬‬  ‫المرأة الصومالية‪ ،‬حيث يستشري العنف والتمييز‬
                                                    ‫ضد العشائر أو فروع العشائر والأقليات من‬
     ‫كما أكد تقرير صندوق الأمم المتحدة لرعاية‬       ‫العشائر والأقليات من النساء‪ ،‬وقد أقدم أفراد‬
         ‫الطفولة أن الاغتصاب والعنف الجنسي‬
                                                        ‫الميلشيات بتنفيذ انتهاكات لجماعات تابعة‬
 ‫يستخدمان كأداة للحرب في أفريقيا‪ ،‬وأن جرائم‬            ‫للفصائل المعارضة لهم‪ ،‬وجماعات أخرى‪،‬‬
   ‫العنف الجنسي تتصدر النزاعات ولا سيما في‬       ‫وبخاصة الأشخاص النازحون داخليًّا والأقليات‬
   ‫غرب ووسط وشرق أفريقيا‪ ،‬وأوضح التقرير‬
    ‫أن تلك النزاعات هي تكتيك لتحطيم معنويات‬                                         ‫الصومالية‪.‬‬
                                                  ‫لقد تنبه فقهاء القانون الدولي إلى أن الاغتصاب‬
                                                ‫يستخدم في دول بها حروب مثل البوسنة‪ ،‬رواندا‬

                                                      ‫والسودان والصومال أو غيرها‪ ،‬كسلاح في‬
                                                   ‫الحرب الدينية والعرقية‪ ،‬فبدأوا في التمييز بين‬
                                                   ‫الاغتصاب في وقت السلم باعتباره جريمة ضد‬
                                                  ‫المرأة‪ ،‬على أساس التشريعات الجنائية في جميع‬
                                                  ‫دول العالم‪ ،‬ووقت الحرب واعتبارها جريمة من‬
                                                  ‫جرائم الحرب‪ ،‬كما ُنظر إليها على أنها انتهاكات‬

                                                     ‫خطيرة لسلوك المحاربين واعتداء خطير على‬
                                                           ‫الحماية التي قررتها اتفاقيات جينيف‪.‬‬

                                                      ‫ولقد أفرد الفقه الدولي مكا ًنا خا ًّصا لجريمة‬
                                                    ‫الاغتصاب لأسباب عرقية أو دينية أو طائفية‪،‬‬
                                                  ‫أى أن الدافع هو الانتقام الطائفي أو العرقي أو‬
                                                 ‫الديني وليس مجرد النازع الجنسي‪ ،‬بمعنى آخر‬
                                                  ‫فإن جريمة الاغتصاب في مثل هذه الحالات هي‬
                                                ‫أداة من أدوات التنكيل بالعرق أو الطائفة الأخرى‪،‬‬

                                                                         ‫أو أبناء الدين الآخر(‪.)7‬‬
                                                    ‫ويعد استخدام اغتصاب النساء أحد الوسائل‬

                                                       ‫السياسية التي تلجأ إليها بعض الجماعات‬
                                                    ‫الهمجية في حروبها‪ ،‬وذلك بهدف إذلال العدو‬
                                                 ‫وإحراجه‪ ،‬والتي يتعرضن فيها للاغتصاب‪ ،‬وقد‬
                                                 ‫ارتبط تاريخ الاغتصاب السياسي للنساء‪ ،‬بالملك‬
                                                   ‫رومليوس وهو أول استخدام للنساء في المجال‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113