Page 104 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 104

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪102‬‬

                                                      ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

      ‫جاءها بحلم ما‪ ،‬فتلاقت أفكاركما في تصديق‬              ‫بها‪ .‬لحظتها أدركت أن ما تتشبث به ما هو إلا‬
   ‫أحلامكما‪ .‬أغرقتك بلا ترتيب في الطمأنينة والثقة‬     ‫وسادة كبيرة‪ .‬الوسائد الكبيرة في الحلم رزق كبير‪.‬‬
‫والصراحة‪ .‬شعرت بلين حضنها‪ ،‬ونعومتها كحلوى‬
                                                          ‫وكانت تلك الفتاة ذات الفستان الأحمر صغيرة‬
      ‫غزل البنات‪ .‬كانت جميلة للدرجة التي تجعلك‬            ‫في كل شيء‪ .‬ظل يختفي ذكرها في نفسك حتى‬
   ‫تراها حلوة من كل الزوايا‪ .‬وكانت طرية ساخنة‬           ‫تلاشت نهائيًّا بينما ثبتت الوسادة الكبيرة نفسها‬
 ‫فأمدتك بالدفء والإمتاع حين أرحت رأسك عليها‪،‬‬             ‫أمام عينيك‪ .‬تستيقظ لتراها بعيدة عن رأسك‪ .‬لم‬
  ‫فشعرت بالراحة والإلهام‪ .‬الوسائد الفائتة جعلتك‬         ‫تعد تفهم أحلامك‪ ،‬لكنها تعرف كثي ًرا كيف تخطو‬
 ‫تتذكر اللحظات الحلوة بالعلاقات السابقة‪ ،‬بينما لم‬      ‫نحو الواقع لتصبح حقيقة‪ .‬أنهت الوسادة العلاقة‪،‬‬
  ‫تشعر يو ًما في وجودها بالفقدان لأي شيء جميل‬              ‫وتركت بداخلك جر ًحا يعصرك‪ .‬ولكنك أقنعت‬
   ‫وأنت بعمق علاقتك معها‪ .‬سالت نفسك‪ :‬كيف لم‬             ‫نفسك بوهم الاشتياق لمذاق العزوبية‪ ،‬ولم تعرف‬
                                                           ‫أنك ستغرق بظلمة جديدة سببها الصدق حين‬
     ‫أتقرب لها من البداية؟ وكيف لم أعجب بها إلا‬
  ‫بعدما اعتذرت لها عن أسلوب صديقك معها؟ لماذا‬                                  ‫تتعلق بالوسائد المزيفة‪.‬‬
  ‫نخوض الكثير من التجارب من أجل أن نصل إلى‬
   ‫تلك النقطة؟ أقنعت نفسك بأن السنين والتجارب‬                         ‫***‬

    ‫هما من شكلتكما وأعدتكما لتلك اللحظة‪ .‬سالتها‬       ‫يقولون إن الإنسان الذي ينام وهو يعانق وسادته‪،‬‬
     ‫عما دفعها لإعداد قهوة لك؟ فسالتك عما دفعك‬            ‫فهو يفتقد لشخص ما‪ .‬وها أنت تقرفص ساقك‬
 ‫لتقديمها لصديقك ودون أن تعرفها؟ أعجبك سرعة‬
  ‫ردها‪ ،‬وشدتها حين يلزم الأمر في سبيل المحافظة‬        ‫وتحتضن نفسك‪ .‬لم تزل تتألم بعد كل علاقة‪ ،‬ولكن‬
‫على نفسها‪ ،‬ورغبتها في التعرف عليك‪ ،‬وإيجاد نقطة‬           ‫حدة الألم لم تقل إلا حينما جاءك أبوك في الحلم‪.‬‬
  ‫للتلاقي قبل أى خطوة جادة‪ .‬لم تشعر لحظة بأن‬               ‫أخبرك أن من يتالم أكثر هو من أحب بصدق‪،‬‬
   ‫هناك من يوجهها‪ ،‬كما لم تشعر بأنها حمل ثقيل‬
 ‫عليك‪ .‬ولم تبخل بالمشاعر المتبادلة عم ًل بأن الحياة‬    ‫والذي ينبض قلبه بالحب يعيش إنسا ًنا‪ ،‬ثم بشرك‬
‫كما تقول «خد وهات»‪ .‬فكانت تتبادل الهدايا بينكما‪،‬‬       ‫‪-‬وهو يقبل أصابعه المضمومة كالوردة‪ -‬بوسادة‬
   ‫ولا تنظر أب ًدا إلى حجمها بقدر الاهتمام بالتقدير‪،‬‬
    ‫فكانت تعبي ًرا عن عمق العلاقة بينكما وصدقها‪.‬‬            ‫جميلة‪ .‬سنتان في انتظار أن تتحقق البشارة‪.‬‬
     ‫كانت تلك الوحيدة التي لم تتقرب لها إلا بعدما‬     ‫حاولت خلالها إعادة العلاقات المقطوعة مرة أخرى‬
  ‫أعجبت بروحها قبل أن تهوى جسدها‪ .‬على الرغم‬            ‫مع الوسائد التي مرت بحياتك ليس إلا لسد شرخ‬
   ‫من كل ذلك‪ ،‬كانت إذا تضايقت منك‪ ،‬تقوم الدنيا‬         ‫الفراغ‪ ،‬حاولت الخروج من دائرتك المغلقة بالنزول‬
   ‫ولا تقعد‪ .‬أخبرتها بصعوبة إرضائها عند الزعل‪،‬‬
  ‫وأن ذلك يبعدها عنك كثي ًرا‪ .‬قالت‪ :‬الزعل على قدر‬        ‫إلى الشارع لعلك تصادف تلك التي ينطبق عليها‬
 ‫الغلاوة‪ .‬لولا ذلك لوصفتها بالكمال‪ ،‬على الرغم من‬         ‫ما قاله أبوك‪ .‬ذهبت إلى صديقك‪ ،‬فعرفت ما دار‬
   ‫أنك تعلم أنه لا أحد كامل‪ .‬الوسائد تزيح بعضها‬         ‫بينه وبين البيضاء من مشكلات‪ ،‬انتهت بالابتعاد‬
     ‫بع ًضا‪ ،‬وتكشف عيوب من قبلها‪ ،‬وتظهر أي ًضا‬          ‫بعد يومين من التحدث‪ .‬لم تستغرب لأنك شعرت‬
   ‫قصر نظرك‪ .‬فلم تعرف ‪-‬حتى هذه اللحظة‪ -‬أن‬                  ‫يقينًا فيما بعد عدم مناسبتها له على الرغم من‬
    ‫راحتك وحسن اختيارك لم يكن إلا في تلك التي‬          ‫طيبته‪ .‬وأن مثل تلك الوسائد تحتاج لمعاملة خاصة‬
     ‫وفقت بينها وبين صديقك‪ .‬ولم يكن قطنها من‬              ‫لا تصلح لشخصيته ولا يلائم انطلاقها قمقمه‪.‬‬
‫صنع أمك‪ .‬ولم يشاركها نفسك وجسدك أي وسادة‬              ‫تصاحبتما بعدما حاول ُت إصلاح ما أفسده صديقك‬
  ‫أخرى‪ ،‬على الرغم من إحاطتهم لسريرك‪ .‬ما أغرب‬          ‫دون مراعاة لك‪ .‬في العمل‪ ،‬أعدت لك بنفسها فنجان‬
    ‫الوسائد! وما أعجب تلك! وما أحلاها في نفسك‪.‬‬           ‫قهوة بلا مناسبة‪ ،‬أخبرتك أنها تعشقها‪ ،‬وتعدها‬
                                                         ‫لمن تألفه‪ ،‬ولكنك لم تعلق مكتفيًا بما أحدثه فعلها‬
                                                      ‫من نشوة‪ .‬حكيتما بلا توجس أو مشاعر زائفة عما‬
                                                         ‫فات‪ .‬فتماست هيئتها مع حلم الوسادة الكبيرة‪.‬‬
                                                          ‫أخبرتك عن ذلك الحصان الأسود الجميل الذي‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109