Page 107 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 107

‫نون النسوة ‪1 0 5‬‬                                          ‫سلوك الفرد نوع الثقافة السائدة في مجتمعه‪،‬‬
                                                      ‫فكما قال تارد «إن المجتمع يعلم الفرد الثقافة التي‬
               ‫ذلك المنحى الفكري لدى العامة(‪.)4‬‬
  ‫ومن خلال عملية التنشئة يرسم المجتمع للمرأة‬                                    ‫تنعكس على سلوكه(‪.)2‬‬
                                                        ‫وتختلف عملية التنشئة في كل مجتمع باختلاف‬
       ‫صورة نمطية يصعب الخروج من أسرها‪،‬‬               ‫طبيعة الثقافة التي تسود ذلك المجتمع‪ ،‬وتعد الأم‬
      ‫مستخد ًما في ذلك أساليب التدعيم المباشرة‪،‬‬
 ‫كأسلوب القبول الاجتماعي الذي يعمل على إثابة‬              ‫هي الحلقة الأولى في الوجود كله على مستوى‬
‫اتساق المرأة مع القالب النمطي السائد‪ ،‬أو أسلوب‬           ‫الكائنات الحية‪ ،‬وفي النوع الإنساني‪ ،‬التي يقع‬
 ‫الاستهجان الاجتماعي الذي يعمل على استهجان‬               ‫على عاتقها الدور الأكبر في مهمة التنشئة‪ ،‬ولم‬
‫السلوك الذي يتعارض مع الدور المرسوم‪ ،‬ويؤكد‬              ‫يكن نابليون مخطئًا حين قال «إن اليد التي تهز‬
  ‫حصر المرأة في أدوار محددة لا تخرج عنها تتم‬            ‫السرير هي التي تهز العالم»‪ ،‬لهذا يعد موضوع‬
  ‫عادة داخل البيت وليس خارجة(‪ ،)5‬فيتم التاكيد‬            ‫المرأة من الموضوعات التي استهدفتها دراسات‬
    ‫على دورها التقليدي لكي تصبح محصورة في‬
   ‫القيام بأدوارها داخل البيت كزوجة وأم‪ ..‬إلخ‪،‬‬              ‫وبحوث كثيرة في السنوات الأخيرة‪ ،‬خاصة‬
 ‫وباقي الأدوار فهي من اختصاص الرجال‪ ،‬ومن‬                   ‫بعد أن أعلنت الأمم المتحدة عام ‪ 1975‬العام‬
  ‫هنا يتشكل منذ البداية الدوران المختلفان اللذان‬           ‫الدولي للمرأة‪ ،‬ورغم هذا الاهتمام فإن المرأة‬
   ‫فرضهما المجتمع على كل من المرأة والرجل(‪.)6‬‬             ‫في المجتمعات الأفريقية ما تزال أسيرة النظرة‬

         ‫ولقد قام علماء الأنثروبولوجيا المهتمون‬                      ‫التقليدية ودورها التابع للرجل(‪.)3‬‬
     ‫بالمجتمعات القبلية الأفريقية على تقسيم هذه‬           ‫لقد ارست الموروثات الثقافية السائدة صورة‬
 ‫المجتمعات إلى مجالين منفصلين‪ ،‬اختص كل من‬              ‫نمطية عن المرأة ش َّكلها العديد من المتغيرات‪ ،‬من‬
   ‫الرجال والنساء بمجال منهما‪ ،‬فالمجال الخاص‬             ‫بينها أساليب التنشئة‪ ،‬ويلعب أسلوب التنشئة‬
 ‫هو مجال المرأة وينحصر في الدائرة المنزلية وما‬            ‫الأسرية دو ًرا كبي ًرا‪ ،‬وهو الذي يتولاه بشكل‬
    ‫يرتبط بها من أنشطة تقليدية‪ ،‬مرتبطة بالمرأة‬
    ‫في كل المجتمعات البشرية مثل تربية الأطفال‬                ‫أساسي الآباء الذين يرثون عادات وتقاليد‬
   ‫والقيام بالأعمال المنزلية‪ ..‬إلخ‪ ،‬أما المجال العام‬  ‫مجتمعاتهم التي يعيشون فيها‪ ،‬مشكلين ضغو ًطا‬
      ‫فهو المرتبط بالرجل‪ ،‬ومن ثم بكل ما يتعلق‬         ‫حضارية يمارسونها على أبنائهم عن طريق تدعيم‬
  ‫بالأنشطة الاقتصادية‬
   ‫والسياسية والدينية‪،‬‬                                    ‫اتجاهات بعينها مقبولة في إطار المجتمع الذي‬
                                                                      ‫يعيشون فيه‪ ،‬مع استبعاد أخرى‬
       ‫أي بكل ما يتعلق‬                                                ‫ليس لها نفس الدرجة من التقبل‬
  ‫بالحياة العامة‪ ،‬واتفق‬                                                ‫والشيوع داخل تلك المجتمعات‪.‬‬
  ‫علماء الأنثروبولوجيا‬                                                 ‫ولأننا نعيش في مجتمعات يطلق‬
                                                                        ‫عليها المجتمعات الذكورية‪ ،‬تلك‬
       ‫على وجود هذين‬                                                  ‫التي تعطي للطفل الذكر و ُتحيطه‬
 ‫المجالين كسمة عامة في‬                                                             ‫بمميزات لا تحصل‬
                                                                                  ‫عليها الطفلة الأنثى‪،‬‬
   ‫المجتمعات الإنسانية‪،‬‬                                                           ‫لذا ينتقل الاتجاه إلى‬
‫وكذلك اتفقوا أي ًضا على‬                                                             ‫معاملة الفتاة عبر‬
 ‫وجود حدود ودرجات‬                                                               ‫أفراد الأسرة‪ ،‬وبالتالي‬
 ‫انفصال أو اتصال بين‬                                                                ‫إلى أفراد المجتمع‪،‬‬
 ‫كل من هذين المجالين‪،‬‬                                                           ‫فتعامل على أنها النوع‬
                                                                                ‫الأضعف والأقل قدرة‬
       ‫والتأثير المتبادل‬                                                       ‫والأدنى مكانة‪ ،‬ويسود‬
  ‫والتفاعل بينهما‪ ،‬وهو‬
   ‫ما ينتج الخصوصية‬                                          ‫د‪.‬سواني هنت‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112