Page 102 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 102

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪100‬‬

                                                     ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

  ‫في الشعور بالاطمئنان ناحيتها لم يكن أم ًرا ذا بال‬        ‫أم لا‪ .‬أخبرتك بالإجابة التي لم ترد سماعها‪.‬‬
     ‫بالنسبة لها تجاهك‪ .‬وأن حبك لها أصبح حم ًل‬        ‫دارت الأسئلة في رأسك واشتعلت‪ ،‬من الذى كانت‬
                                                       ‫تحادثه؟ ولماذا كانت تبكى؟ وكيف تستطيع إخفاء‬
 ‫ثقي ًل تحت وطأة متطلباتها التي فاقت قدرتك‪ .‬وأن‬
‫الخطوات السريعة التي دفعتك ناحيتها لم تزدك إلا‬            ‫حزنها وكأن وجهها قابل للتكيف مع رغبتها؟‬
                                                      ‫وكيف لا تهتم بوجودك؟ تتوالى الأسئلة على عقلك‬
   ‫تأكي ًدا بأنها لم تكن تحبك بقدر ما تريد أن تكون‬
‫متزوجة‪ .‬لم تعد تستمتع بالعلاقة العاطفية كما كنت‬          ‫بلا رحمة فتخر عب ًدا لها‪ .‬تشعر بأن الوسائد لا‬
                                                         ‫تأتى «سالكة»‪ ،‬وأن هناك دائ ًما أسبا ًبا للتعكير‪.‬‬
    ‫تخطط‪ ،‬أصابك كل ذلك بالشك ناحيتها‪ ،‬اقتنعت‬            ‫على الرغم من كل ذلك‪ ،‬لم يثنك شيئًا عن التعلق‬
 ‫بأن ليس كل ما لا نعرفه بلو ًغا للراحة‪ .‬سألتها عن‬     ‫بها‪ ،‬والتقرب إليها ومعرفة قصتها‪ .‬فلم تجد سوى‬
                                                        ‫الفيس بوك وسيلة أخيرة حين تنقطع المعجزات‪.‬‬
                   ‫أحداث يوم بكائها‪ ،‬قالت نافية‪:‬‬       ‫عدت إلى طريقة التعارف التي قررت من قبل عدم‬
     ‫‪ -‬لم أبك ولم أحادث أح ًدا‪ ،‬ولا تنس أن الحمام‬        ‫انتهاجها‪ ،‬ولكنك أقنعت نفسك بأن هذه العلاقة‬
                                                       ‫ليست كسابقتها‪ .‬نكزتها‪ ،‬فأثارتها فعلتك‪ ،‬سألتك‬
                  ‫يحتمل وجود أكثر من شخص‪.‬‬                ‫في اليوم التالي عن معنى تلك النكزة؟ فأخبرتها‬
     ‫لم تخبرها بكذبها‪ .‬ولم تستسلم لشعور داخلى‬            ‫بأنها «كالزغزغة»‪ ،‬وأنها منطقك في الحياة حين‬
     ‫باحتمالية سوء تقدير عاملة النظافة‪ .‬ولم ترتح‬     ‫تستصعب الأمور وتتعقد‪ .‬ضحكت‪ ،‬فأعادت بذهنك‬
      ‫لطريقتها في إدارتها المتعجلة للأحداث بينكما‪.‬‬     ‫لقاء أول مرة‪ .‬تحادثتما على الإنترنت بعدما قبلت‬
    ‫كما لم تعد تتقبل فرق المسافة العمرية والفكرية‬        ‫إضافتك‪ .‬أدركت حينها أن الوسائد التي تفقدك‬
 ‫والطبيعة الشخصية بينكما‪ .‬حينها تأكدت أنه مهما‬        ‫الثقة في الإنترنت تعيدك له وسائد أخرى‪ .‬رفضت‬
   ‫قالوا في محيطك أنك أكبر من عمرك‪ ،‬فإن هذا لا‬
   ‫يعنى أن ترتبط بوسادة أكبر منك‪ .‬أبدلت الحمام‬             ‫وقوفك معها بالعمل‪ ،‬فأطلتما المحادثات حتى‬
     ‫الذي سمعت فيه بكاءها وذلك بعد أن واجهتها‬             ‫ساعات الليل المتأخرة في بعض الأيام‪ ،‬وأغلقت‬
  ‫بما في داخلك‪ ،‬لم تقبل مقابلتك خارج إطار العمل‪.‬‬       ‫الاتصال بينكما فجأة والحديث في ذروته في أيام‬
 ‫شعر ُت بعدم الراحة حيال أفعالها الغريبة‪ .‬عقلك لا‬       ‫أخر‪ .‬عاتبتها‪ ،‬فأخبرتك عن سوء شبكة الإنترنت‬
‫يهدأ من السؤال‪ ،‬وقلبك تعلق ولا يتعلم‪ .‬بدأت ‪-‬بلا‬           ‫عندها‪ .‬على الرغم من الشك الذي أصابك تجاه‬
‫إرادة‪ -‬في المقارنة بينها وبين من سبقتها‪ ،‬الصراحة‬           ‫أفعالها‪ ،‬إلا أن حبك لها جعلك دائم الاستعداد‬
    ‫المفرطة في مواجهة الضبابية والشك‪ ،‬تتحكم بك‬        ‫لقبول أعذارها‪ .‬لم تستسلم لظنونك بطريقة أثارت‬
 ‫الكوابيس فتراها في أحضان غيرك بأماكن مختلفة‪،‬‬         ‫استغرابك‪ .‬ولم تركع تحت أقدام الأسئلة التي تملأ‬
   ‫يقبلها ويجامعها‪ .‬تستيقظ من القلق في عز نومك‬        ‫رأسك‪ .‬قررت الاستمتاع بعدما تعلمت أن ليس كل‬
  ‫للتأكد من وجود الوسادة أسفل رأسك‪ ،‬ويستلمك‬             ‫ما نجهله يستحسن معرفته‪ ،‬فربما في الجهل به‬
 ‫الأرق حتى الصباح‪ .‬الأمان كان في أمك التي قالت‬         ‫السلامة والمتعة‪ .‬وقفتما بطرقة العمل ‪-‬وقلي ًل ما‬
  ‫لك‪ :‬الوسائد راحة واطمئنان وثقة‪ ،‬فإن لم تجدهم‬          ‫يحدث ذلك‪ -‬فكانت في أوج ودها وكأنها لا تريد‬
                                                        ‫مغادرتك أب ًدا‪ ،‬وحين تحدثتما عبر الشات علقتك‬
                                       ‫فاتركها‪.‬‬       ‫أحيا ًنا ولم تجب‪ ،‬ثم تعود بعد ذلك لتعتذر ثم تغلق‬
                                                     ‫الاتصال حينًا آخر‪ .‬تتضايق ويزداد شكك‪ ،‬فتعاتبها‬
                ‫***‬
                                                                                 ‫بتوتر‪ ،‬فتقول بحدة‪:‬‬
‫للمرة الثانية تثبت سوء اختيارك‪ .‬تتلاشى النظر إلى‬          ‫‪ -‬لا أهوى الأحاديث الكثيرة وأحب الخطوات‬
‫أمك حتى لا ترى ضعفك‪ .‬على الرغم من وجود أبيك‬
 ‫في حياتك وهيمنته على البيت‪ ،‬إلا أن أمك من تشعر‬                          ‫والأفعال‪ ،‬فأنا بلغت الثلاثين‪.‬‬
 ‫بما في داخلك‪ ،‬فتقبل عليك بعدما تضيق بك السبل‪.‬‬       ‫أحسست بأنها تسابق الأيام لكي تصبح مدا ًما دون‬

      ‫أبوك ذو كبرياء‪ ،‬تعود أن يقترب منه الجميع‪،‬‬       ‫الاهتمام بأهمية فترة التعارف بينكما‪ .‬وأن رغبتك‬
 ‫فحينما لا تقترب إليه لتحكى فأنت بالنسبة له غير‬

   ‫مرئي‪ .‬تبكى في الليل الذي لم تشعر بطوله إلا في‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107