Page 100 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 100

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪98‬‬

                                                   ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

‫حاتم ممدوح‬

‫الوسائد‬

‫حلمك شيء بعيد المنال‪ .‬لعنت الصراحة ‪-‬المطلوبة‬            ‫أي قطن زائد عن الحاجة‪ ،‬كانت تخلق أمك منه‬
 ‫في أي علاقة‪ -‬حين علمت قوتها وتأثيرها عليك‪،‬‬        ‫وسادة‪ ،‬لم تر مكا ًنا مناسبًا لها سوى سريرك الذي‬
 ‫وتأرجحك أمامها‪ .‬تأرقت حين طالبتك أن تكون‬
‫بجانبها بلا التزامات بعدما شعرت بوقع الصدمة‬            ‫مر عليه الكثير من الوسائد والذكريات‪ ،‬ما أكثر‬
  ‫عليك‪ .‬أدركت لحظتها أنك تحبها لأنك لم تتخيل‬           ‫وسائدك! وما أتعبهم! الطويلة منها بغير امتلاء‬
‫يو ًما أن يعود الحديث بينكما إلى البدايات؛ قبل أن‬     ‫كانت أول إدراك حقيقي لك بعالمهن‪ .‬كان الجمال‬
‫تلمس الصدق في حبك لها‪ ،‬فتحكى لك عن سرها‪،‬‬           ‫الدافع الأول في اختيارك لها‪ .‬وتقربك لها كان قرا ًرا‬
‫وقبل أن تشعر باتخاذ العلاقة شك ًل آخر‪ ،‬فتطلب‬         ‫فرد ًّيا لم تحب أن يشاركك فيه أحد‪ .‬تحدثتما على‬
                                                       ‫«الإنترنت»‪ .‬أرسلت لك صو ًرا لها‪ ،‬تعوي ًضا عن‬
   ‫منك ألا تكونا سوى أصحاب‪ .‬وقبل أن ترسل‬              ‫رفضها تطوير العلاقة بينكما بالخروج والمقابلة‪.‬‬
                   ‫لها طلب الصداقة على الفيس‬        ‫أثارك طولها الذي تغير مع كل صورة أرسلتها لك‬
                                  ‫بوك كبداية‬        ‫بنا ًء على طلبك‪ ،‬لم يزدك اليقين بأنها أطول منك إلا‬
                                                     ‫تحطي ًما لكل الحالة الحالمة التي رسمتها في خيالك‬
                                                   ‫للعاشقين‪ ،‬وتفتيتًا لرغبتك في امتلاك وسادة تناسب‬
                                                     ‫حجمك‪ ،‬فتحتويها كاملة بين أحضانك‪ .‬من وجهة‬
                                                     ‫نظرك‪ ،‬الشكل الخارجي هو الدافع الأول للتعارف‬
                                                       ‫والارتباط‪ ،‬ولكنك تقربت منها وأنت لم تلتق بها‬
                                                     ‫في الحقيقة‪ .‬الصور خادعة‪ ،‬والتعلق نتاج الحديث‬
                                                     ‫المداوم أعاقك عن التراجع‪ ،‬ودفعك في نفس الوقت‬
                                                     ‫للاستمتاع بالعلاقة والاستمرار دون الالتفات إلى‬
                                                        ‫عقدتك الداخلية‪ .‬توطدت علاقتكما بعد إلحاحك‬
                                                    ‫بالمقابلة‪ .‬وظهرت صفاتكما جلية لكل منكما الآخر‪.‬‬
                                                       ‫فأعجبت بمرحها وخفة ظلها‪ .‬أخبرتك في ساعة‬
                                                        ‫صفا بعدما أحست حبك للصراحة عن علاقتها‬

                                                          ‫قدي ًما بمدرب سباحة أحبته‪ ،‬فسلمته نفسها‪.‬‬
                                                      ‫اصطنعت الثبات‪ ،‬واستمعت رغم التشتت الذرى‬

                                                                     ‫يهد بقايا صورك الحالمة‪ ،‬قالت‪:‬‬
                                                        ‫‪ -‬تزوجني بعد ذلك رسميًّا‪ ،‬ثم طلقني ورحل‪.‬‬
                                                     ‫أحسست أن أحلامك البسيطة في وسادة على قدر‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105