Page 95 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 95
93 إبداع ومبدعون
قصــة
مصطفى البلكي
نصف الدهشة
وبقيت تراقب ما يدور حتى سرقته قطة لخارج ()1
البيت.
كانت تعرف أن الكائنات التي تع َّود عليها صغيرها
كان يومها قد تعلم الحبو وتبع في مساء يوم من قطط وكلاب يمكن أن تصيبه بأذى ،لكن لم
ربيعي قطة كان يميل إلى مداعبتها ،تجاوزت عتبة
تكن تعرف أنها ستأخذه ذات يوم إلى بيت جارتها
بيتهم ومالت إلى بيت جارهم ،لم ترتبك زوجته، الجميلة العاقر وأنه سيفتن بها.
وكل ما فعلته أن برقت عيناها ،وامتلأتا بالحب له،
وكان المذياع يبث أغنية لصباح تصلح لأن ترقص لم يكن في سنواته الأولى يحب الصراخ ،كان طف ًل
مسالمًا ،إذا وضعته فوق الفرشة يظل كما هو من
عليها ،فاشتعل جسدها بالشغف ،فتخلصت من دون أن يثير أي ضجيج ،وهذا الأمر جعلها تتفرغ
كل ملابسها ،وبقيت عارية تما ًما وهي متأكدة أن لكل أمور البيت الملقاة على عاتقها من كنس وغسيل
ذاكرته ذاكرة سمكة ،وكلما ازدادت هو ًسا أطلق وإعداد الطعام وحمل الماء من بئر قريبة ،وبداخلها
ضحكاته ،ولما تلمظ بشفتيه ،رفعته وقربت فمه من الماضي العتيق لحكايات الأطفال وما يفعلونه ،وتلك
الحكايات مادة صالحة للبقاء تتقاذفها النسوة في
صدرها ،ولأن العادة تروض المرء وتفقده وعيه
أحيا ًنا ،تناول الحلمة بشفتيه ،وبدأ يمصها ،والمرأة أوقات السمر..
سمحت لغريزة الأمومة أن تعود وتحتل أي مساحة لم تجد شيئًا لتقوله ،فبدأت تراقبه ،كان وقتها بدأ
تريدها منها. يعقد صداقات مع قطط الجيران التي تتسلل إلى
وفيما يتعلق بالقطة فقد انشغلت في أكل بقايا طعام بيتهم طلبًا لبقايا الطعام ،والكلاب التي تطاردها،
وفأر لعين لم تفلح في الإمساك به ،كان يأتي ويظل
ألقت به الجارة لها ،أحست بنهمه ،وأنه يريد أن بجواره من دون أن يسبب له أي شيء ،وهذا الأمر
يلتهمها ،لذلك ضمته إليها بحنان زائد وقالت له :كم كان غام ًضا ومبه ًما لها ،تقف والدهشة على مسافة
أنت رائع! وتحركت حتى وقفت قبالة صورة لطفل
صغير ممدد على سجادة حمراء ،نظرت وهو لصق واحدة منه ،وتترك الوقت ليقتات من العجائب
صدرها نظرات توسل كي يغادر الصغير الصورة التي تحدث ،ولما وجدت أن تلك الكائنات لا تسبب
ويحل محله ،وتنهدت ،وعندما وجدت نفسها قريبة
من الانهيار خشيت على نفسها ،فاستندت إلى الجدار أي ضرر له ،تركتها ،وتركتهم يأنسون لحالهم،
فأفلحوا في عقد صداقة مع الهدوء الذي يتميز به،
وتحركت حتى جلست على حافة السرير ،وتركته فركنت إلى الاطمئنان ،وأصبحت تتحرك وهي مؤمنة
عليه ،وبدأت ترتدي ملابسها بسرعة وكأنها تخشى
من فضيحة تقترب منها ،ثم نهضت وحملته إلى أمه بأن هناك حياة تكونت بينه وبين الكائنات التي
سرعان ما تكاثرت ،حتى دخلت ذات يوم ووجدته
التي لم تفلح في إسكاته ،ولا جعله يقبل على ثديها، يكلمهم ،لاذت بالصمت ،وعندما اقتربت منه لتضمه
ولم تفهم ما يدور إلا بعد أن تكرر هروبه من البيت إلى صدرها ،نبتت له مخالب طويلة ،وولد من داخله
صوت كالنباح ،ولم تتحدث بما رأت وتظاهرت بعدم
إلى بيت جارتها ،وأصبحت كلما بالغت في غلق الاهتمام ،ولأول مرة كما قالت شاهدت ابتسامته،
الباب ،جاءت الكائنات وافتعلت ضجة عالية ،فتتركه، فانحت عليه وقبلته ،وقبل أن تستدير ولد الضجيج
فيخرج ،لتستقبله المرأة بسعادة ،وذات مرة أخذته من الكائنات ،فخافت وتركته في مكانه ومضت،
معها إلى الحمام ،وبعد أن استحمت غسلت له جسده