Page 221 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 221

‫‪219‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫الأمراض‪ -‬المستنقعات)‬            ‫أولا‪ :‬دور الإعلام‬              ‫الأمر الذي يغفله الإعلام‬
    ‫حتى يبتعد العرب عن‬             ‫الغربي في مرحلة‬              ‫الغربي‪ ،‬أو بمعنى أدق يتم‬
                                    ‫استعمار القارة‬              ‫تجاهله من قبل الإعلاميين‬
  ‫حديقتهم الخلفية أفريقيا‬
         ‫سلة غذاء العالم‪.‬‬              ‫الأفريقية‬                  ‫(المستهلكين) في عواصم‬
                                                               ‫أوروبا‪ ،‬واليابان‪ ،‬والولايات‬
‫وكانت الحرب النفسية هي‬              ‫تعرضت أفريقيا في حقبة‬
  ‫الهدف المقصود من وراء‬            ‫الاستعمار لنهب ثرواتها‪،‬‬          ‫المتحدة الأمريكية التي‬
  ‫تصدير هذه الصورة في‬                                               ‫تستهلك نحو ‪ ٪60‬من‬
  ‫أعين إعلام الغرب‪ .‬وكان‬                 ‫بل حاول المستعمر‬       ‫موارد العالم‪ ،‬ليستفيد منه‬
    ‫المنفذ الرئيسي للحرب‬           ‫استعمار العقول والأبدان‪،‬‬        ‫فقط (‪ )٪4.1‬من سكان‬
      ‫النفسية في وقت من‬           ‫استعمار الأبدان من خلال‬       ‫العالم‪ .‬وتب ًعا لأهداف معلنة‬
   ‫الأوقات (وكالة الإعلام‬           ‫توظيف الطاقات البشرية‬         ‫كحماية أمريكا لمصالحها‬
       ‫الأمريكية)‪ ،‬فوظفت‬           ‫الأفريقية لخدمة الأغراض‬
     ‫الولايا ُت المتحد ُة قد ًرا‬                                      ‫الاستراتيجية وأمنها‬
   ‫كبي ًرا من الرجا ِل والما ِل‬     ‫الاستعمارية (الرق)‪ ،‬أما‬     ‫القومي‪ ،‬وأخرى غير معلنة‬
 ‫والمواد لتستخد َمها وسيلة‬            ‫استعمار العقول فببث‬
                                      ‫الثقافة الغربية وطمس‬         ‫كإبراز دور قادة الغرب‬
‫لني ِل أغرا ِضها الاستعماري ِة‬        ‫معالم الثقافات المحلية‪،‬‬       ‫كأبطال‪ ،‬وإبراز القارة‬
‫الجديد ِة‪ .‬فقد كان يعمل في‬                                         ‫كبؤرة غارقة تحتاج إلى‬
‫الوكال ِة أكث َر من اثني عشر‬      ‫وتصويرها على أنها –فقط‪-‬‬
‫ألف شخ ٍص‪ ،‬وتبل ُغ نفقا ُتها‬         ‫فقر ومرض وصراعات‬           ‫تدخلات من القادة الأكفاء‪،‬‬
                                                                ‫الذين هم بطبيعة الحال من‬
     ‫أكث َر من مئة وثلاثين‬          ‫واستبداد وتخلف فكري‪،‬‬       ‫الغرب‪ .‬غير أن هذه الأهداف‬
     ‫مليون دولار سنو ًيا‪،‬‬          ‫عن طريق أداة (الإعلام)‪،‬‬
   ‫ولديها أكث ُر من سبعين‬                                         ‫في الحقيقة تتمحور حول‬
  ‫محر ًرا يعملون في النش ِر‬           ‫فبث في عقول الشعوب‬       ‫إبراز صورة الغربي بأنظف‬
                                     ‫البيضاء ‪-‬وعلى رأسهم‬
          ‫خار َج أمريكا(‪.)3‬‬         ‫العرب‪ -‬الصورة النمطية‬         ‫وأحسن حال من صورة‬
‫ولديها أي ًضا شبكة إرسال‬             ‫عن أفريقيا (المجاعات‪-‬‬           ‫الأفريقي‪ .‬ففي بعض‬

   ‫إذاعي تض ُم حوالي مئة‬                 ‫الفقر‪ -‬الصراعات‪-‬‬         ‫القنوات الإعلامية نشاهد‬
   ‫وعش َرة محطات إرسال‬                                            ‫في التقارير الإخبارية أن‬
  ‫إذاعي‪ ،‬ستون منها تعم ُل‬                                          ‫الرجل الأبيض هو الذي‬
   ‫خار ِج الولايا ِت المتحد ِة‪،‬‬                                  ‫يغذي الرجل الأسود‪ .‬فلا‬
  ‫وتذيع برامجها لأفريقيا‪،‬‬                                      ‫نرى في التقارير أن الأفارقة‬
                                                               ‫يساعدون أنفسهم أو يساعد‬
       ‫كلها تص ِّدر الأخبار‬                                        ‫بعضهم البعض‪ .‬فالأمر‬
  ‫السيئة عن القارة‪ ،‬وكان‬                                       ‫ليس سوى استمرار لتاريخ‬
  ‫لديها العديد من المحطات‬                                       ‫طويل من مشاريع إعلامية‬
‫الأمريكي ٌة في عدة دول مثل‬
  ‫المغرب وأريتريا وليبيريا‬                                          ‫أطلقتها محطات إذاعية‬
  ‫وكري َت وإسبانيا‪ ،‬وأي ًضا‬                                       ‫وتلفزيونية دولية لتوفير‬
  ‫تذيع محطات الإذاعة من‬
   ‫أعالي البحار على السف ِن‬                                         ‫مواد إعلامية تستهدف‬
  ‫الأمريكي ِة(‪ ،)4‬وكانت تب ُث‬                                  ‫الجمهور الأفريقي والعربي‪.‬‬

                                                                 ‫وبعد عرضنا لهذه المقدمة‬
                                                                 ‫يمكن أن نقوم بتناول ذلك‬
                                                                 ‫الموضوع من خلال النقاط‬

                                                                                   ‫الآتية‪:‬‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226