Page 242 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 242
العـدد 28 240
أبريل ٢٠٢1
المائة منجل ،لذا هو يقتلع الأدبي .وهذا ما حصل .فبعد أن في هذه الأثناء تم اعتقالي لعدة
السنابل اقتلا ًعا ..ويستشيط نقل قصائد لي ونشرها في سوريا أشهر ،ضمن التنظيم الحزبي في
غي ًضا» هكذا تكلم زرادشت.. كركوك ،مما أعاق تحقيق رغبتي.
ولبنان ،عمل أي ًضا على نشر
هل تتفق مع نيتشه في أن مجموعتي الشعرية الأولى ،رهائن، حالما خرج ُت التحقت بالخدمة
حاجة المبدع لا تكون إلى جمهور في الجيش بهدف الحصول على
من قبل اتحاد الكتاب العرب في
غفير من المتابعين بقدر ما هي دمشق العام ،1975هكذا غادرت الجواز بعدها .بعد الخدمة،
الحاجه إلى رفاق رحلة يفهمون وبطلب من الحزب ،عدت إلى
العراق ،ومدينتي ،إلا أنني كنت الثورة الكردية وبقيت لأكثر من
جي ًدا ويقدرون قيمة ما يكتب دائم الحضور في اللقاءات الأدبية سنة ،حينها قرر ُت أن لا أم َل في
ويشاركون معه أي ًضا وقت لجماعة كركوك في الفترات التي تغيير الأوضاع بهذه الأساليب.
كنت فيها ،تعلمت منهم واغتنيت بدل العودة إلى مدينتي ،سافرت
الحصاد حين تنضج قصائده؟ إلى بغداد وبقيت فيها حتى
نعم ،أوافق أننا ،كجماعة ،بلا بتجاربهم وأساليبهم في الكتابة مغادرتي نهاية العام ،1974وفي
الأدبية والشعرية. هذه الأعوام اشتغلت في مهن،
جمهور حتى أواخر التسعينات من كتبت كثي ًرا ونشرت عدة مرات
القرن الماضي ،ويبدو أن الإنترنت بعد نصف قرن ما زالت تلك في الصفحات الأدبية للصحافة
-والفيس بوك خصو ًصا -أ َّثر في المدينة معي ،وأيضا حين أقمت في اليومية آنذاك ،ولم يكن سه ًل
التواصل والتعرف بشعراء وكتاب عدة بلدان ،ذلك لأنها كانت الأصل نشر كتاباتي بسبب كتابتي
وبداية شعري ،أصدقائي ،الأهل، المختلفة ،ولأني كنت أحد أعضاء
من الجماعة مع أعداد قليلة من جماعة كركوك التي كانت معروفة
المهتمين بالكتابة الجديدة والمختلفة وذلك التنوع اللغوي والقومي باتجاهها الفكري والأدبي المناقض
والبيئي ،الجغرافي ،للمدينة. لما كان مقبو ًل ومرغو ًبا رسميًّا من
خصو ًصا في بلدان المهجر .في قبل السلطة وجهازها الإعلامي.
تلك السنوات ،منذ مغادرة معظم صحيح أننا في الغربة الطويلة لكن أصدقائي ورفاقي من
أعضاء جماعة كركوك ونشرهم نكتسب خبرات ونحيا تجارب الجماعة كانوا يعملون في بعض
جديدة على كل صعيد ،إضافة إلى هذه الأجهزة كمحررين ،وقد
لأعمالهم الإبداعية في الخارج، تأثير البيئات وتشكل ذاكرة أغنى، ساعدوني كثي ًرا في نشر كتاباتي
إضافة إلى دور الترجمة لبعض إلا أن الحنان يتلهف إلى المشاهد
أعمالهم إلى لغات أخرى ،اتضحت الأولى وشعريتها .غير أن المدينة تلك.
الأهمية الأدبية لأعمالهم وأثارت تغيرت كثي ًرا ولم تعد كركوك من الصدف المهمة في حياتي في
هناك ،إلا أنها في أعماق الذكريات تلك السنوات في بغداد التقائي
الاهتمام في الداخل العراقي. لمرحلة عمرية كانت تعج بالنشاط
ساعد في ذلك تهريب نتاجاتهم والأمل والرغبة في تحقيق الإنجاز بالشاعر عبد الوهاب البياتي،
المنشورة في الخارج ونسخها الأدبي والثقافي .إنجاز حقق كل الذي كان قد قرأ بعض كتاباتي
من قبل الشباب في بعض المدن عضو في تلك الجماعة حصته من
العراقية .لكن نشر أعمالهم في تراثها الشعري والجمالي ،والتي التي نشرت ومنها ما ظهر في
تعرف بهما الآن ويعاد اكتشافهما مجلة الكلمة ،وقد أثارت اهتمامه
سبعينيات وثمانينيات القرن والاحتفاء بهما من قبل كل جيل
الماضي كانت قليلة في العراق كما أخبرني فيما بعد .المهم أن
بسبب كونهم من المعارضين جديد. سردت له في لقاءاتنا الكثير من
الراديكاليين للنظام ،سياسيًّا «رفا ًقا يريد المبدع لا جث ًثا ولا
وأدبيًّا .كنا منعزلين ،ومعزولين في ماض ّي ورجوته أن يساعدني
بداياتنا ،ولم نكن نعرض أعمالنا قطعا ًنا ولا مؤمنين أي ًضا، في الحصول على جواز سفر لي
إلا لبعضنا .كانت تلك فترة سنوات رف ًقا يريد المبدع ومشاركين نظ ًرا لأهميته الشعرية ونفوذه
مهمة لبلورة الأسلوب الشخصي في الحصاد؛ إذ كل شيء لديه
لكل منا ،من قراءات متبادلة بيننا ناضح للحصاد ،لكنه تنقصه
لأعمالنا والقيام بدور النقاد أي ًضا،