Page 247 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 247

‫‪245‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

‫عاد وكن ُت في مكاني بعد‪ .‬هذه المرة‬      ‫هل خلقت هذا العالم الخيالي‬         ‫تفاعلك الواضح مع الحيوانات‬
 ‫راقبني‪ ،‬وظننته يريد إقامة علاقة‬       ‫بكل كائناته الخيالية المدهشة‬           ‫وعناصر الطبيعة ومحاولة‬
 ‫ما معي‪ .‬بعد دقائق‪ ،‬غادر يائ ًسا‪.‬‬                                                 ‫أنسنتها جعلها تثق بك‪،‬‬
       ‫في الفلبين ذهبت إلى حديقة‬         ‫لعدم وجود عالم حقيقي في‬              ‫وهروبك من المدن إلى القرى‬
 ‫الحيوان وسال ُت عن إمكانية تبني‬        ‫حياة صلاح فائق يماثله؟ أو‬               ‫والمناطق البعيدة والنائية‬
   ‫ذئب صغير‪ .‬أخبروني بأن ذلك‬           ‫نقول عجزك عن إيجاده هو ما‬
 ‫ممكن إذا أقيم في الريف لكن ليس‬      ‫دفعك إلى خلقه في منطقة الحلم‪،‬‬           ‫جعلك صديقها الأول‪ ،‬فالذئب‬
  ‫في المدينة‪ .‬حتى في الكتب الدينية‬      ‫تلك المنطقة التي ينطلق منها‬       ‫الذي تحت يدك التي تكتب ينظر‬
    ‫تكثر الحيوانات وتقوم بأعمال‬
  ‫رمزية بهدف حكمة ما أو درس‬                                 ‫الشعر؟‬           ‫إليك بحنان ويرفض الذهاب‬
                       ‫أخلاقي‪:‬‬       ‫ِ َل يستغرب أصدقائي وقرائي من‬         ‫إلى أمه وغابته‪ ،‬الحيتان تغني‬
‫الهدهد في القران مع الملك سليمان‬                                           ‫لك‪ ،‬والغربان تنقل لك الأخبار‪،‬‬
   ‫وحكايته مع بلقيس‪ ..‬كما يظهر‬         ‫وجود الحيوانات في قصائدي؟!‬
     ‫الثعبان‪ ،‬البقرة‪ ،‬النمل‪ ،‬وحتى‬        ‫هي موجودة في كل مكان‪ ،‬في‬             ‫وغرفتك لأنها تأمن لك؛ تنام‬
                                                                              ‫قبلك‪ .‬ليس هذا فحسب؛ لقد‬
‫الحمار في بعض السور‪ .‬الحيوانات‬       ‫الفضاء‪ ،‬البحار والمحيطات‪ ،‬الكلاب‬      ‫نجحت في سحب جزيرة بحبل‬
‫تغني حيواتنا وتعلمنا اللعب معها‪،‬‬     ‫والقطط في البيوت وأي ًضا البلابل‪،‬‬
                                                                                               ‫إلى بيتك‪..‬‬
  ‫خصو ًصا مع الأطفال‪ .‬يكون من‬             ‫الثعابين والعقارب في البيوت‬
‫الوفاء لها نقل هذه المشاعر الودية‬      ‫القديمة وحدائق الحيوانات‪ ،‬وفي‬
‫عنها في نصوصنا الأدبية لإغنائها‬      ‫الغابات تكثر أنواع أخرى‪ ،‬ضمنها‬

         ‫بهذه اللمسات الإنسانية‪.‬‬                 ‫ذئاب ودببة وضباع‪.‬‬
‫ما رأيته بش ًعا في الفلبين هو أمكنة‬        ‫الحيوانات تخاف من البشر‬
                                         ‫بسبب تاريخها الدموي معهم‪.‬‬
   ‫قتال الديكة والكلاب‪ ،‬وهو قتال‬     ‫عش ُت مع كلب نبيل لعشر سنوات‬
  ‫حتى الموت وعليه مراهنات مالية‬        ‫وقد حماني مرتين من محاولات‬
   ‫كبيرة ويعتبر نو ًعا من الإدمان‬        ‫لصوص‪ .‬هي جزء من حياتنا‬
 ‫هناك‪ ،‬بل يعتبر الرياضة الوطنية‬       ‫ومن بيئات العالم‪ ،‬لا تهاجم أح ًدا‬
                                      ‫إلا دفا ًعا‪ ،‬لا تخون ولا تغدر‪ ،‬كما‬
      ‫الأولى‪ ،‬رغم كونه شك ًل من‬       ‫البشر‪ .‬كان حلمي العيش في غابة‬
 ‫أشكال القمار‪ .‬وفي هذا لا تختلف‬       ‫كبيرة ومحا ًطا بها‪ ،‬لكن حتى هنا‬
                                      ‫تتدخل القوانين السلطوية في كل‬
      ‫هذه «الرياضة» عن رياضة‬            ‫مكان ولا تسمح بتحقيق رغبة‬
     ‫مصارعة الثيران في بلدان في‬
 ‫أمريكا اللاتينية‪ ،‬وتتسبب في قتل‬                       ‫بسيطة كهذه‪.‬‬
  ‫مئات الآلاف من هذه الحيوانات‬            ‫حين أكتب يدخل بعضها‪ ،‬في‬
‫سنو ًّيا من أجل إمتاع هؤلاء البشر‬
                                            ‫هدوء‪ ،‬ضمن سياق المقطع‬
        ‫الأغبياء وربح بعض المال‪.‬‬       ‫الشعري أو الصور‪ ،‬وهنا يظهر‬
    ‫في جريدة إيلاف بتاريخ ‪30‬‬         ‫التنوع والألفة الإنسانية‪ .‬في إحدى‬
 ‫نوفمبر ‪ 2007‬كتب أمجد ناصر‬           ‫المرات‪ ،‬وكنت مقات ًل في كردستان‪،‬‬
  ‫مقا ًل بعنوان من يتذكر صلاح‬
  ‫فائق؟ وذكر فيه أن من يعرف‬              ‫متج ًها إلى مطحنة‪ ،‬فجأة ظهر‬
   ‫صلاح فائق شخص ًّيا‪ ،‬يعرف‬              ‫ذئب كبير أمامي‪ .‬كن ُت مسل ًحا‬
   ‫أن كتابته انعكاس لكوابيسه‬         ‫وكان يمكنني أن أدافع عن نفسي‪،‬‬
                                      ‫لكنه وقف وبدأ يتطل ُع إل ّي لدقائق‬
                                      ‫وبشكل ودي‪ .‬ذهب‪ ،‬وبعد دقائق‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252