Page 249 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 249
247 ثقافات وفنون
حوار
لا أعر ُف شيئًا عن الشللية حيث يمكن لقارئي أن ي ّطل َع عليها وهناك التقيت بأصدقاء قدامى،
والإخوانيات في النقد العربي، أو حتى يحفظها إذا شاء. وسرني أنهم ما زالوا يتذكرون
حولي أو غيري .الأمر يحتا ُج بحثًا أعمالي الشعرية الأولى ،وفوجئت
عن دلائل ومعلومات وحقائق. ساعدني أي ًضا في إعادة علاقاتي بترجمة مختارات من قصائدي
وهو يتطلب إضاعة وق ٍت وأعصاب مع أصدقائي القدامى ،أقاربي
في ثقافة لا تعني الكثير بالنسبة لي وأهلي ،وإقامة علاقات جديدة إلى الفرنسية من ِقبل صديقي
مع آخرين .الأهم هو التخلص الشاعر صالح دياب .عدت إلى
أو عالميًّا. بواسطة الفيس بوك من هيمنة جزيرتي ،اشتريت كمبيوت ًرا لأول
إنها ثقافة بائسة وسلطوية ،ومن مرة وبدأت أتعلم هذه العجيبة
دور النشر الأهلية والرسمية على الساحرة ..بدأت أعيد النظر في
يستطع تجاوزهما وينجز عم ًل أعمال الأدباء والشعراء .نشر ُت آلاف الصفحات التي كنت كتبتها
أدبيًّا ،أو شعر ًّيا ،رغمهما ،فإنما معظم مجموعاتي باستخدام طوال عشرين سنة ،ساعدني
يحقق معجزة .المهم أن يواصل صديق آخر في ترتيب صفحة لي
الأديب في هذه الأوضاع الشريرة، الإمكانيات الفنية التي يتيحها هذا في الفيس بوك ،وصار ملجئي
مشروعه الأدبي أو الشعري ،لأن الموقع العالمي .أليست هذه هدية
كونية؟ الجديد.
هذا ما يبقى. دعنا نعود مرة أخرى للفترة هل معنى هذا أن الفيس بوك
تقول إن هناك دكاكين تبيع التي اختفيت فيها؛ ما شعورك كان هو الوسيلة التي عدت
الأحلام في الفلبين؟ أخبرنا في ذاك الوقت وأنت تجلس بها للحياة أم سبق ذلك طرق
عن الأحلام التي اشتريتها من
وحي ًدا في الفلبين تقرأ مراثيك في ومحاولات أخرى؟
هناك؟ حياتك؟ نعم ،لولا الفيسبوك لما استطع ُت
الفلبين ،بجزرها الآلاف ،أكبر التركيز على إنجاز ما كنت أرغب ُه
دكان في الكون لتحقيق بعض كان صعبًا تعودي على البقاء شعر ًّيا ونشر مجموعاتي بواسطة
الأحلام ببساطة شعبها وطيبته. والعيش في هذه البيئة المختلفة صفحتي في الفيسبوك وصفحتي
الأمور سهلة هناك وحياتي في تلك الخاصة بمجموعاتي الشعرية.
السنوات ما زالت تزخر بالكثير كليًّا ،من حيث المناخ واللغة أجمع في نهاية كل سنة معظم ما
من الذكريات وستبقى تم ّد كتابتي والثقافة والعلاقات الاجتماعية. نشرته خلالها وأرتب منها كتا ًبا
بحشود من التجارب والمشاعر ونسخة إلكترونية لتلك الصفحة،
الغنية بالصور الغريبة ،لكن عملت جهدي لقبول وضعي
الودية في معظمها .سأبقى فيها، الجديد وكان يهمني أن أستمر في
رغم بعدي عنها الآن ،أزورها أو الكتابة ،وخلق عالمي الخاص من
تزوروني ،لا فرق فهي جزء كبير خلالها .أنجز ُت مجموعات شعرية
كثيرة ،اطلع ُت جي ًدا على تاريخ ذلك
وكريم مني. البلد وثقافته الغنية .لم أعش فترة
نختم الحوار بمقطع من قصيدة مراثي عن حياتي هناك ،بل صرت
للشاعر صلاح فائق: مسرو ًرا ومبته ًجا بهذه التجربة
بما إنني من عشاق الأفق الكبيرة ،وواصلت الاطلاع على
أخرج إليه منذ سنوات ،وقت جغرافية ومشاهد جزر ،وساعدني
هذا في إغناء قاموسي الشعري
الفجر، واكتساب ذاكرة أخرى وتنويع
لكني لم أصل إليه بعد. كتابتي بالطبيعة الفلبينية المبهجة.
لأني صبو ٌر ،سألاحقه حتى يتعب
هل النقد الأدبي في عالمنا
ويقف أينما أريد العربي مصاب ومبتلى بالشللية
والإخوانيات كما وصفه أمجد
ناصر؟