Page 254 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 254

‫العـدد ‪28‬‬                      ‫‪252‬‬

                                ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

 ‫من رقابة الدولة فحسب؛ بل‬       ‫الحرب‪ ،‬فصارت قصة المعركة‬         ‫لغيرهم على احتذاء حذوهم‬
  ‫لأن الكتابة من أجل الحرب‬        ‫تسير على الوتيرة نفسها في‬       ‫في الضخ القصصي خدمة‬
‫أُلبست لبو ًسا وطنية وتقنعت‬       ‫تصوير ميادين القتال أو في‬    ‫للمجهود الحربي وتماشيًا مع‬
   ‫بقناع المسؤولية الأخلاقية‬      ‫التعبير عن معنويات المقاتل‬   ‫التوجيه السياسي وضرورات‬
‫وصار كثير من النقد والسرد‬                          ‫وبسالته‪.‬‬      ‫الاحتشاد الإعلامي للحرب‪.‬‬
    ‫ميدانين بهما يمكن تدعيم‬      ‫‪ -3‬اللجاجة التي لا يحتملها‬        ‫ومع مرور الوقت هيمنت‬
‫قضية الحرب وتوكيد عدالتها‬         ‫الفن صارت واضحة لا على‬           ‫قصص المعركة وتراجعت‬
 ‫ومنطقية خوضها‪ ،‬وبالشكل‬          ‫مستوى إنتاج قصة المعركة؛‬       ‫القصص غير المعركية ك ًّما لا‬
   ‫التحريضي الذي يشد أزر‬            ‫وإنما على مستوى التلقي‬        ‫نو ًعا‪ ،‬وبسبب هذه الهيمنة‬
                                    ‫القرائي لهذه القصة التي‬        ‫سادت ظواهر طارئة ولم‬
      ‫المقاتلين الرابضين على‬      ‫وبسبب لجاجتها الممجوجة‬
                   ‫الجبهات‪.‬‬        ‫نفرت منها الذائقة الأصيلة‬        ‫ترتق إلى أن تكون تقاليد‬
                                   ‫وغدا هذا اللون من الكتابة‬   ‫سردية‪ ،‬لانطوائها على سمات‬
  ‫‪ -5‬إطلاق مسابقات سنوية‬         ‫مستهل ًكا وفار ًغا يجتر نفسه‬
       ‫في كتابة قصة المعركة‬                         ‫بنفسه‪.‬‬           ‫ليست فنية ولا جمالية‬
                                      ‫‪ -4‬رافق قصة المعركة‬         ‫ولطغيان الغائية التوجيهية‬
   ‫والغاية الأساس دعائية لا‬      ‫متابعات نقدية محملة بزخم‬
    ‫أكثر‪ ،‬فتتشكل لها كل عام‬          ‫تعبوي ومعبأة بالتوجيه‬                  ‫والنفعية عليها‪.‬‬
   ‫لجان عليا وفرعية وتسخر‬         ‫السياسي‪ ،‬في شكل مقالات‬          ‫وصارت مسألة استسهال‬
 ‫لها إمكانيات مادية ومعنوية‬      ‫صحفية يكتبها نقاد سايروا‬         ‫كتابة قصة المعركة ظاهرة‬
    ‫ضخمة‪ .‬وبسبب إغراءات‬            ‫أيديولوجيا الحزب الواحد‬        ‫واضحة في الأدب العراقي‪،‬‬
                                 ‫ونفذوا توجهاته التعبوية‪ ،‬أو‬   ‫وكان من تبعات هذه الظاهرة‬
     ‫أعطياتها الدسمة انخرط‬        ‫في شكل شهادات إبداعية لا‬
      ‫في التباري عليها بعض‬        ‫تخلو من نقد انطباعي يدلي‬                        ‫ما يأتي‪:‬‬
 ‫القصاصين المتمرسين لكنها‬           ‫بها القصاصون أنفسهم‪،‬‬        ‫‪ -1‬التركيز على الثيمة وليس‬
 ‫في الأعم الأغلب كانت تجذب‬        ‫إما رغبة في إشاعة هذا الفن‬    ‫الشكل الذي فيه يجد القاص‬
‫المبتدئين الشباب الباحثين عن‬    ‫وتشجيع الكتّاب الآخرين على‬
‫موطئ قدم في عالم الكتابة أو‬       ‫طرقه أو بحثًا عن فرصة في‬        ‫الباب مفتو ًحا للكتابة التي‬
                                  ‫مجال الامتيازات والمكافآت‬       ‫قد لا تكون إبداعية بسبب‬
           ‫الشهرة السريعة‪.‬‬                                        ‫التكرارية والمعتادية الفنية‬
    ‫‪ -6‬الالتزام المغالي لا على‬  ‫التي كانت تغدقها السلطة على‬     ‫تحقي ًقا لأغراض شخصية أو‬
    ‫وفق مبدأ الأدب للإنسان‬           ‫كتّاب هذه القصة آنذاك‪.‬‬    ‫دعما لغايات اجتماعية‪ .‬وهكذا‬
  ‫والمجتمع؛ بل على وفق مبدأ‬          ‫ولم يفلت من هذا الزخم‬          ‫هيمنت نزعة المعركة على‬
    ‫الأدب للمعركة الذي ح ّول‬        ‫‪-‬في تلك المرحلة العصيبة‬       ‫سائر أنواع القص الأخرى‬
    ‫الأديب من ملتزم بقضايا‬          ‫من تاريخ الأدب‪ -‬ناقد أو‬      ‫كقصص الأطفال والقصص‬
  ‫مجتمعه إلى ملتزم بفروض‬                                          ‫الدينية والقصص النسوية‬
   ‫التسليم والطاعة والامتثال‬      ‫قاص إلا ما ندر‪ ،‬ليس خو ًفا‬
    ‫وهو يوجه إبداعه لصالح‬          ‫من سلطة الحزب ولا فز ًعا‬                       ‫وغيرها‪.‬‬
‫المعركة‪ .‬وهذا الإلزام القسري‬                                        ‫‪ -2‬عدم مراعاة التطويع‬
  ‫هو الذي يجعل «الأدب وكل‬                                      ‫الفني لثيمة الحرب في توظيف‬
‫الفنون‪ ..‬قوة محافظة لا تخدم‬                                    ‫الواقعة داخل هذه القصة؛ بل‬
                                                                ‫العكس تم تطويع الفن لثيمة‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259