Page 253 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 253

‫بإشاعة روح الاحتراب صارت قصص الحرب‬                                              ‫فاضل ثامر‬
    ‫ظاهرة واضحة في الأدب العراقي على‬
   ‫مدى سنوات الحرب الثماني وما بعدها‬                              ‫استراتيجياتها الحربية‪ ،‬وأنها‬
                                                                       ‫تصب في مصلحة البلاد‬
 ‫أي ًضا‪ .‬وكانت القصة القصيرة أكثر أجناس‬                                 ‫والعباد‪ ،‬مسوغة بشكل‬
     ‫الأدب تسخيًرا في هذا المجال‪ ،‬فألقي‬                               ‫غير مباشر روح التوسع‬
      ‫على عاتقها العبء الأكبر في ترسيخ‬
                                                                     ‫والاحتراب ومدللة على أن‬
   ‫موضوعة الحرب أدب ًّيا نظًرا لقصر قالبها‬                            ‫النصر محتم وأكيد‪ ،‬وأن‬
 ‫الذي يجعلها مؤدية لوظيفة دعم الحرب‬                                   ‫المواطنة هي البطولة التي‬
‫ثقاف ًّيا والتحشيد الجماعي لها إعلام ًّيا وزرع‬                    ‫فيها تتوكد الرجولة والوطنية‬
                                                                   ‫اللتان لا معنى لهما من دون‬
              ‫الحماسة وإدامة وتيرة القتال‬                           ‫التضحية في سبيل الوطن‪..‬‬
                                                                      ‫إلى غير ذلك من الأهداف‬
   ‫النصوص العربية؛ بيد أن‬            ‫من أجل الغايات الفكرية‬        ‫السياسية والمصالح النفعية‪.‬‬
     ‫هذه التجارب لم تستثمر‬       ‫والاجتماعية والأيديولوجية‪،‬‬          ‫أما مسائل القيم الأخلاقية‬
  ‫استثما ًرا حقيقيًّا في الحرب‬                                         ‫والجمالية التي يراد من‬
     ‫الثمانينية‪ .‬والسبب تغير‬          ‫كما لم يض ِّح بالفن على‬     ‫القصة القصيرة توصيلها فما‬
 ‫فلسفة الحرب؛ فالحرب التي‬             ‫حساب الموضوع‪ .‬فظل‬
    ‫كانت عادلة وقومية وهي‬       ‫المجتمع العراقي مجتم ًعا مدنيًّا‬                ‫من أهمية لها‪.‬‬
  ‫تدافع عن الأرض والإنسان‬          ‫ولم تصبه حمى الاحتراب؛‬              ‫ولا خلاف أن العراق في‬
‫صارت حر ًبا عبثية أو بالنيابة‬    ‫لكن مع نشوب الحرب مطلع‬           ‫تاريخه الحديث والمعاصر قد‬
 ‫يخوضها المجتمع وضحيتها‬         ‫ثمانينيات القرن الماضي تغير‬       ‫م َّر بثورات وطنية وانقلابات‬
                                 ‫مجتمعنا إلى مجتمع محارب‪،‬‬
      ‫الإنسان من أجل نظام‬             ‫وصار أدب الحرب أم ًرا‬               ‫عسكرية وانتفاضات‬
             ‫سلطوي غاشم‪.‬‬        ‫واق ًعا وطبيعيًّا بوصف الأدب‬        ‫شعبية وحروب قومية؛ بيد‬
                                   ‫صورة للحياة‪ .‬وعلى الرغم‬
  ‫وكانت تلك القصص تحظى‬            ‫من ذلك كله؛ فإن هذا الأدب‬           ‫أن الأدب كان في كل ذلك‬
     ‫بدعم حكومي سواء من‬           ‫لم يحظ بوقفات نقدية مهمة‬         ‫حاض ًرا جماليًّا بقوة وفاعلية‬
     ‫ناحية سرعة دور النشر‬
                                          ‫مما سنبينه لاح ًقا‪.‬‬       ‫وبمختلف أجناسه وفنونه‪،‬‬
 ‫الرسمية في طبع مجموعاتها‬          ‫إ ّن للقصة العراقية تجارب‬       ‫ولم يف ِّرط بالغايات الجمالية‬
      ‫وتسويقها أو فيما كان‬
     ‫يلقاه كتّابها ‪-‬المتميزون‬         ‫مهمة في الكتابة للحرب‬
                                       ‫كحرب حزيران ‪1967‬‬
  ‫بكثرة ما ينشرونه من هذه‬       ‫وحرب تشرين ‪ 1973‬وفيهما‬
      ‫القصص‪ -‬من أعطيات‬            ‫أبدع القاص العراقي أفضل‬

  ‫سخية تشجي ًعا لهم وحم ًل‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258