Page 69 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 69

‫‪67‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                            ‫رؤوف مسعد‬

                   ‫هاته السيقان‬

    ‫وتبتهج البصيرة‪ ،‬مسبحة متهدجة مرتعشة في‬             ‫كنت أقيم حف ًل صغي ًرا شبه خاص لعدد محدود‬
    ‫الساقين‪ ،‬كما قالت العدوية «أحبك حبين‪ ..‬حب‬         ‫من الأصدقاء؛ دعوت إليه صديقة سودانية شابة‬
                                                     ‫تعرف ُت عليها في القاهرة قدمت هي مع صديق لها‪،‬‬
                    ‫الهوى وحب لأنك أهل لذاك»‪.‬‬          ‫مصري‪ ،‬شاب يبدو أصغر منها‪ ..‬لعلها كانت في‬
     ‫وما ذاك إلا مخبأ في بصيرة رابعة ينتقل إليها‬
      ‫مريدوها وعشاقها ومحبوها والصائمون عن‬                  ‫بداية ثلاثينياتها وهو في ربيع عشرينياته‪.‬‬
 ‫النساء بعدما أظهرت لهم ما كان مختبئًا بها وفيها‬     ‫جلسا في ركن شبه معتم في الشقة التي أستأجرها‬
‫وداخلها؛ تظهره في ساعتها المحددة بهجة للناظرين‪،‬‬      ‫مفروشة‪ ..‬بعد وقت لاحظت كأن ثمة ضوء ينبعث‬
 ‫فتفرح افئدتهم برؤية ما كانوا يعرفون ويعتقدون‬
                                                       ‫من مكان جلوسها‪ ..‬تجلس على كرسي منخفض‬
        ‫بوجوده لكنه مختبئ خلف أسرار وأستار‪.‬‬         ‫بعض الشيء وترتدي تايو ًرا قصي ًرا ضي ًقا‪ ،‬تضيء‬

                ‫***‬                                    ‫من تحته ساقان بلون القهوة بحليب وفير دسم‬
                                                                                          ‫بخيره(!)‬
    ‫كانت تجلس مقابلتي وأمامه هو الذي مني وأنا‬
                          ‫منه‪ ..‬الذي هو أنا وأنا‪.‬‬        ‫بعد سنوات التقينا على الفيس بوك‪ ..‬كانت قد‬
                                                      ‫تركت مصر‪ .‬تحادثنا بحميمية‪ ..‬سألتها إن كانت‬
   ‫وبعد أن اتحدنا أصبح من قسمتي ورضيت به‬            ‫تذكر تلك الأمسية القاهرية؟ فقالت بلي إنها تذكرها‪.‬‬
‫نصيبي وخليلي وخديني وأنا هواه وهو أنايا‪ ..‬كنت‬          ‫قلت لها عن ساقيها فقالت إنها ستعترف لي أنها‬
                                                      ‫كانت تقصد أن تكشف ساقيها لي ولمن في الغرفة‬
  ‫اجلس مستمت ًعا بصحبته لا يراه سواي وسوانا‪.‬‬          ‫وتثير غيرة «صاحبها»‪ ،‬كانت تتحدث وأح ُس بها‬
‫جلسنا في كافيه شوب غالي لكني التجئ إليه حينما‬
                                                                               ‫تسترجع أيا ًما خوالي‪.‬‬
    ‫أريد الخلوة والتأمل والسرحان‪ .‬أحضر أورا ًقا‬                 ‫عرفت منها أنها تركت صاحبها ذاك‪..‬‬
                    ‫قليلة‪ ..‬أكتب أحيا ًنا وأشخبط‪..‬‬
                                                                  ‫قلت لها سأك ُتب قصة عن ساقيها‪..‬‬
                ‫***‬                                                            ‫البنت اسمها هنا عزة‪.‬‬
                                                                                     ‫أنوار السيقان‬
     ‫خفق شيء ما في جسده الستيني حينما رآها‪.‬‬
  ‫يجلس في مقهى دافئ وليست به موسيقى عالية‪.‬‬             ‫أعرف أن سيقا ًنا قليلة لبنات ونساء قليلات‪،‬‬
   ‫اختاره ‪-‬رغم شطوح أسعاره‪ -‬لأنه يستطيع أن‬                ‫ُتضئن بأنوارهن الداخلية‪ ..‬أنوار السيقان‬
‫يقرأ هناك صحفه‪ ،‬ويسرح دون أن يلفت انتباه أحد‬
                                                                    ‫***‬
                                            ‫له‪.‬‬
   ‫هي دخلت مع صديق لها‪ .‬أو هكذا يبدو‪ .‬سمراء‬             ‫‪ ..‬وأعرف أي ًضا أن نظري الكليل الأعمش الذي‬
   ‫بلون مبهج ليس كابيًا‪ .‬بل صاحيًا مستيق ًظا حيًّا‬   ‫يرى الدنيا بلون واحد مطفأٍ‪ ..‬حينما تضيء أمامه‬
                                                      ‫ساقان‪ُ ،‬ترجعان إلى الأشياء ألوانها‪ ،‬يمرح البصر‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74