Page 73 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 73

‫‪71‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫على مسند الأريكة ممدة ساقيها‪ .‬تحرك هو ببطء‬                 ‫قالها وأحس أن صوته عجوز ومشروخ‪.‬‬
                                ‫مستر ًّدا مكانه‪..‬‬    ‫حينما أشعل الولاعة لها‪ ،‬مالت عليه ممسكة بيده‬

             ‫وضع المجلة بالزاوية التي اكتشفها‪.‬‬             ‫مقربة إياها من السيجارة‪ .‬يد دافئة غضة‪.‬‬
    ‫كانت ساقها اليسرى عارية وممتدة بامتدادها‬        ‫‪ -‬لما ييجي حا اديك السيجارة‪ .‬هو مش حابب إني‬
‫الطويل الرشيق‪ .‬عارية وسمراء وتبدو كأنها دافئة‬
                                                                                           ‫أس ّجر‪.‬‬
           ‫ومنسابة وحية تشع ضوءها الأسمر‪.‬‬                ‫‪ -‬لم تقل «أدخن» بل أس ّجر‪ .‬تنبه من خموله‬
‫ساقها اليمنى مرتاحة بزاوية منفرجة مسندة إياها‬       ‫وسرحانه‪ ..‬لعلها سودانية‪ ..‬هذه السمرة الصافية‬
‫على ساق صديقها‪ .‬بين وقت وآخر تحرك الساقين‬
‫ض ًّما وانفرا ًجا فيظهر له حز الكيلوت الأبيض‪ .‬بدا‬                                     ‫للسودانيات‪.‬‬
                                                      ‫كأنها تشركه في مؤامرة صغيرة‪ .‬كأنها تريد أن‬
               ‫شاهق البياض فوق سمرة لحمها‪.‬‬
   ‫وحينما يسارق النظر إلى وجهها‪ .‬يراها متجهة‬            ‫تميزه‪ ،‬من مجرد شخص يعطيها سيجارة إلى‬
‫بجانب وجهها إلى صاحبها‪ ..‬تسارقه هو النظر من‬          ‫مشارك لها في مؤامرة شبه بريئة معها بمواجهة‬

                                     ‫آن لآخر‪..‬‬                                           ‫صاحبها‪.‬‬
     ‫كأنها تكافئني وتلاعبني وتغيظيني وتمنيني‬                 ‫أشارت هي برأسها إلى الباب الخارجي‪..‬‬

                                    ‫وتحنسني‪.‬‬                                   ‫‪ -‬بيتكلم في الموبايل‪.‬‬
                                        ‫***‬                                      ‫صوتها كمان حلو‪.‬‬

                     ‫«شفتاك كسلكة من القرمز‬           ‫يراقب الباب بقلق خفيف وعلى استعداد أن يأخذ‬
           ‫«حولي عني عيني ِك‪ ،‬فإنهما غلبتاني»(‪)1‬‬   ‫السيجارة متى أشارت ومتى أمرت هي بذلك‪ ..‬فهو‬

                                        ‫***‬           ‫الآن مستجيب لأمرها الذي سيتخيله‪ .‬خفق قلبه‬
‫هاهي تهبني من هباتها‪ ..‬وها أنا يا مليكتي أتجول‬                                    ‫واج ًفا مضطر ًبا‪..‬‬

          ‫في جنائنك السليمانية التي فتحتيها لي‪.‬‬                    ‫***‬
            ‫«أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم‬
                           ‫«صرة المُر حبيبي لي‬           ‫أنا على استعداد أقسم معاكي الكام سنة اللي‬
                            ‫«بين ثديي يبيت»(‪)2‬‬           ‫فاضلين خديهم كلهم حتى والله‪ ..‬ما لهومش‬
                                                      ‫عوزة‪ ..‬بس خليني أحط راسي‪ ..‬قصدي‪ ..‬وشي‬
    ‫***‬                                               ‫على الساقين دولا‪ ..‬اشمهم وأبوسهم وألحسهم‪.‬‬
                                                    ‫عوزتهم إيه ليكي؟ لو ما دقت طعم رجليكي دولا؟‬
                         ‫اليوم حظنا حلو وفل‪..‬‬
‫همس‪ ..‬وأيده ذاك الذي يلازمه‪ ..‬سمع همسه وزاد‬                        ‫***‬

                                   ‫عليه بقوله‪..‬‬          ‫هي التي رأت صاحبها قبل أن يراه هو‪ ،‬ألقت‬
                  ‫يا عجوز‪ ..‬مناخيرك أد الكوز‪..‬‬     ‫بالسيجارة تجاهه فتلقفها قبل أن تسقط على المائدة‪.‬‬

                               ‫وابتسم كلاهما‪.‬‬                      ‫***‬

                   ‫هوامش‪:‬‬                               ‫سقطت حقيبتها تحت المائدة‪ ..‬انحنى هو ببطء‬
                                                        ‫كأنه يريد أن يحضرها لها‪ .‬هي أسرع‪ .‬انحنت‬
                   ‫‪ -1‬نشيد الانشاد‪.‬‬                ‫ودخلت بنصفها الأعلى تحت المائدة‪ .‬التقى وجهاهما‬
                   ‫‪ -2‬نشيد الأنشاد‪.‬‬                ‫بشكل غير متوقع‪ .‬نظرا إلى بعضهما نظرات طويلة‬
                                                     ‫ثابتة‪ .‬انسحبت إلى الأعلى بجسدها‪ .‬مالت بظهرها‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78