Page 72 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 72

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪70‬‬

                                                      ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

     ‫سمع صوتها بوضوح وهي تقول له «كمان»‪.‬‬                ‫وأنها ‪-‬تخيل‪ -‬رغم ذبذباتها التي تتركها مرسلة‬
                                           ‫فكر‪:‬‬       ‫باتجاهه واتجاه الذكور في مجالها ليست سوى بنت‬

  ‫انه إذا ما زحف بجسده متمد ًدا بخفة على الأريكة‬                       ‫بالغة الهشاشة والرقة والعفوية‪.‬‬
 ‫التي يجلس عليها واض ًعا المجلة أمام وجهه بزاوية‬            ‫نادى على الجارسون وطلب قهوة اسبريسو‪.‬‬
  ‫معينة‪ ،‬يستطيع أن يشاهد جز ًءا من ساقيها تحت‬         ‫نظرت هي إليه‪ .‬لمعت عيناها كأنها تضحك‪ .‬تغيظني‪.‬‬

                      ‫الطاولة في وضعها الجديد‪.‬‬                         ‫ولما أبص عليها تتشاغل بالقراءة‪.‬‬
     ‫من موقع عينيه خلف المجلة رأى يدها تسحب‬                  ‫لم يستطع التركيز‪ .‬يحاول أن يتّسمع إلى ما‬
    ‫الإيشارب بخفة وبطء‪ .‬تقريبًا كان فوق حجرها‬             ‫يقولان‪ .‬الولد الذي معها‪ ،‬أسمر غامق السمرة‪.‬‬
    ‫ويغطي ساقها اليسرى الموضوعة فوق اليمنى‪.‬‬              ‫يقول لها شيئًا‪ ،‬ويبدو أنها لم تسمعه أو انشغلت‬
‫ساقها اليمنى ‪-‬المضيئة الآن‪ -‬تشع بنورها الداخلي‪،‬‬         ‫عنه؛ فناداها بصوت نافذ الصبر «عزة‪ ..‬يا عزة»‪.‬‬
   ‫عارية‪ .‬يعرف أنه لو انحنى تحت المائدة‪ ،‬فسوف‬           ‫رفع هو رأسه‪ ،‬فالتقت عيناهما ثانية‪ .‬هذه المرة لم‬
    ‫يرى حز الكيلوت ولعل جز ًءا من شعرها هناك‪.‬‬         ‫يول وجهه عنها وثبتت هي عينيها في عينيه‪ .‬التفتت‬
                                                          ‫بوجهها إلى صاحبها‪ .‬سحبت عينيها ببطء تجاه‬
                       ‫تخيله اسم َر قصي ًرا ناع ًما‪.‬‬
    ‫لو أنحني وأشد بضع شعرات بفمي‪ .‬لو أسمع‬                                                   ‫صاحبها‪.‬‬

       ‫آهاتها‪ .‬لو أستطيع دفن وجهي هناك أتشمم‬                          ‫***‬
    ‫رائحتها؛ رائحة جسدها‪ ،‬الذي يفور الآن‪ ،‬غز ًل‬
                                                        ‫ثبت هو عينيه على الإيشارب فوق الساقين مغطيًا‬
                                       ‫وتتد ُّل ًل‪.‬‬    ‫مثلث الفرج‪ .‬التفتت إليه بنظرة سريعة‪ .‬رأته ينظر‬
   ‫لو وضع فمه هناك وارتشف‪ ..‬يرتشف رائحتها‬
                                                          ‫إلى الإيشارب‪ .‬هي تعرف أنه ينظر إلى ساقيها‪.‬‬
     ‫المختلطة بعصيرها بطعم عسلها بطعمها هناك‬               ‫ترددت‪ ،‬أزاحت الإيشارب بخفة غير ملحوظة‪.‬‬
                               ‫المختلط برائحتها‪.‬‬          ‫جعلته يرى جز ًءا من ساقيها‪ ..‬جمعته من فوق‬
                                                        ‫فرجها‪ ..‬ثم فردته فوقه مرة أخرى كما تفرد الأم‬
                ‫***‬                                    ‫قماشة فوق وجه طفلها تحميه من الذباب والأعين‬

      ‫قام ببطء وهدوء يريد التوجه إلى دورة المياه‪.‬‬                                           ‫الحاسدة‪.‬‬
    ‫ساقاه متصلبتان من عند الركبة‪ .‬خاف أن يفقد‬          ‫ربتت عليه‪ .‬على فرجها بأصابعها الطويلة السمراء‬
  ‫اتزانه‪ ،‬تخيل أن الأرض غير ثابتة‪ ،‬فانحنى بدون‬
                                                                                              ‫النحيلة‪.‬‬
       ‫قصد مستن ًدا على طاولته‪ .‬هي كانت تراقبه‪،‬‬                                          ‫يا بنت الإيه!!‬
‫فنهضت نصف نهوض كأنها تريد أن تسنده‪ ،‬بقيت‬                    ‫‪ ..‬غطته ثانية‪ .‬كل هذا وهي تحادث صاحبها‪.‬‬
                                                                           ‫ابتسم ابتسامة خفية لنفسه‪.‬‬
  ‫مكانها‪ ،‬ماد ًة يدها مدة خفيفة وصغيرة وقصيرة‬         ‫رفعت رأسها تجاه الكهل‪ .‬لمعت عيناها ثم حولتهما‪.‬‬
  ‫ثم تجمدت مكانها؛ التقت عيناهما‪ .‬يبتسم معتذ ًرا‪.‬‬           ‫حول عينيه وتشاغل بالقراءة‪ .‬رفع المجلة إلى‬
                                                                   ‫مستوى عينيه حتى لا يراه صاحبها‪.‬‬
    ‫تبتسم هي ابتسامة حلوة طيبة‪ ،‬يواصل طريقه‬
                              ‫باتجاه دورة المياه‪.‬‬                     ‫***‬

‫حينما رجع كانت بمفردها‪ .‬ما إن استقر في جلسته‬             ‫لعلها طلبت من صاحبها أن يقرب الطاولة إليها‪.‬‬
                             ‫حتى مالت باتجاهه‪.‬‬          ‫طاولة من الخشب عليها غطاء من القماش الثقيل‪.‬‬

                     ‫‪ -‬ممكن تشحتني سيجارة؟‬                 ‫يراقب صاحبها‪ ،‬يشد الطاولة إليهما باتجاهها‪.‬‬
     ‫في الثواني الأولى لم يفهم ولم يستوعب‪ ..‬لكن‬
‫أصابعها السمراء من يدها اليسرى كانت تشير إلى‬

                                  ‫علبة السجائر‪.‬‬
                                       ‫‪ -‬طب ًعا‪..‬‬
   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77