Page 75 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 75

‫‪73‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

‫‪ -‬لا تن َس أننا الممولون للعمل وأننا قد تعاقدنا معك‬   ‫الحصول على كلب صغير يبدأ فى تربيته ورعايته‪..‬‬
 ‫تعاق ًدا سخيًّا ج ًّدا بأسعار السوق‪ ،‬وأنك قد تسلمت‬        ‫يقول إنه لن يستطيع نسيان كلبه الراحل إلا‬
                                                                     ‫بالارتباط بكلب جديد والتعلق به‪.‬‬
                         ‫الدفعة المقدمة منذ فترة‪.‬‬
‫‪ -‬لم أن َس ولكن لم ُيكتب فى العقد أننى ملتزم بتنفيذ‬  ‫عاد إبراهيم إلى غرفته واختلى بنفسه محاو ًل ترتيب‬
                                                       ‫أفكاره‪ .‬كيف سيسير لقاء الغد؟ لم يجد فى نفسه‬
             ‫أفكاركم أو بالتخلى عن حريتى الفنية‪.‬‬       ‫شهية للطعام فلم ينزل لتناول العشاء‪ .‬فتح جهاز‬
        ‫َخ ّفض عثمان جمعة من درجة صوته بقدر‬            ‫التليفزيون وتجول بين المحطات ثم تركه دون أن‬
                                                         ‫يتابع بتركيز‪ ،‬مجرد َون َسة فى الغرفة الموحشة‪.‬‬
                            ‫محسوب وقال بثقة‪:‬‬             ‫أغلق الجهاز بعدما انتصف الليل محاو ًل النوم‪.‬‬
‫‪ -‬جهة التمويل لها الرأي الأول يا أستاذ إبراهيم فى‬      ‫تقلّب فى الفراش حتى قرب مطلع الفجر حيث غفا‬
 ‫الإنتاج السينمائى وقد جرى العرف على ذلك وأنت‬            ‫أخي ًرا لوقت قصير حتى أيقظه جرس التليفون‬
                                                                                    ‫لينبهه إلى الموعد‪.‬‬
                                  ‫سيّد العارفين‪.‬‬
                                     ‫أجابه بثقة‪:‬‬      ‫قام بصعوبة من الفراش كأنه ذاهب إلى امتحان لم‬
                                                     ‫يستعد له‪ .‬اغتسل واستبدل ملابسه ثم نزل لتناول‬
‫‪ -‬ليس معى‪ ،‬حتى لو قعدت فى بيتنا لسنوات بدون‬           ‫إفطار سري ًعا قبل الذهاب لموعده مع عثمان جمعة‪.‬‬
                               ‫عمل‪ ..‬وقد حدث‪.‬‬        ‫استقبله الرجل بترحيب محسوب‪ ،‬لا هو بالحار ولا‬
                                                     ‫هو بالفاتر‪ .‬رجل ُم َدر ٌب على ضبط مشاعره كرجال‬
                      ‫زفر زفرة طويلة ثم قال له‪:‬‬
  ‫‪ -‬يبدو أننا لن نتفق يا أستاذ إبراهيم‪ ..‬وما الحل‬                                   ‫الخدمات السرية‪.‬‬
                                                             ‫بعد جمل البدايات التقليدية بادره بالسؤال‬
                                     ‫الذى تراه؟‬
        ‫‪ -‬ليس عندى حلول‪ .‬لقد أوضحت موقفى‪.‬‬                                                  ‫المقتضب‪:‬‬
     ‫‪ -‬في هذه الحالة عليك برد الدفعة المقدمة التي‬                                  ‫‪ -‬ما أخبار الفيلم؟‬
                                                                 ‫ران صمت حرج أجابه إبراهيم بعدها‪:‬‬
                                      ‫استلمتها‪.‬‬      ‫‪ -‬لا جديد‪ ،‬الحقيقة منذ لقائنا الأخير لم أستطع أن‬
 ‫وجم إبراهيم للحظات وقد فاجأه الأمر‪ .‬قال بعدها‬                                      ‫أنجز تقد ًما ُيذكر‪.‬‬

                          ‫بصوت خفيض مرتبك‪:‬‬                                               ‫‪ -‬والسبب؟‬
          ‫‪ -‬حسنا‪ ،‬لكنى أحتاج لمهلة لتدبير المبلغ‪.‬‬                  ‫‪ -‬السبب هو اعتراضكم على الفكرة‪.‬‬
    ‫‪ -‬هذا الأمر تناقشه مع المسئول المالى‪ ،‬ليس من‬     ‫ارتفع صوت عثمان جمعة بدرجة تبدو كالمحسوبة‪:‬‬
   ‫اختصاصى مناقشة الأمور المالية‪ ،‬سوف أحيلك‬                ‫‪ -‬أي فكرة يا أستاذ؟! فكرة الرقص الشرقى‬

                    ‫للمسئول المالى و َت َص ّرف معه‪.‬‬                            ‫والست تحية كاريوكا‪.‬‬
      ‫رفع سماعة التليفون واتصل بالمسئول المالى‪:‬‬           ‫نظر إليه إبراهيم بتح ٍد وأجابه بصوت خفيض‬
‫‪ -‬سوف أرسل لك الأستاذ إبراهيم عبد الله المخرج‪،‬‬
    ‫لقد وقع عق ًدا معنا وصرف الدفعة المقدمة لكننا‬                                            ‫حاسم‪:‬‬
     ‫اختلفنا ولا يرغب فى إكمال التعاقد‪ .‬أرجو عمل‬          ‫‪ -‬فكرة فيلم عن الست العظيمة تحية كاريوكا‬

             ‫إجراءات استرداد الدفعة المقدمة منه‪.‬‬                                  ‫وتاريخها المُ َش ّرف‪.‬‬
            ‫وضع سماعة التليفون وقال لإبراهيم‪:‬‬                                 ‫قال عثمان جمعة بحزم‪:‬‬
                                                      ‫‪ -‬الفكرة مرفوضة قلبًا وقالبًا‪ ،‬ولقد أبلغناك برأينا‬
                      ‫‪ -‬سيأخذك الساعى لمكتبه‪.‬‬
‫استدعى الساعى وطلب منه توصيل إبراهيم لغرفة‬                                                  ‫فى حينه‪.‬‬
                                                       ‫‪ -‬وأنا لا أسمح لأحد بالتدخل فى عملى الفنى ولا‬
                                  ‫المسئول المالى‪.‬‬
                                                                                   ‫حتى بإبداء الرأى‪.‬‬
‫فصل من رواية تصدر قري ًبا بالاسم نفسه عن دار روافد‪.‬‬          ‫ارتفعت درجة صوته وهو يقول له ُم َذ ّك ًرا‪:‬‬
   70   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80