Page 79 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 79
77 إبداع ومبدعون
قصــة
«لكن أهم من جنودنا أم من جنودهم؟».
فى الأيام التالية أصبحت ظاهرة ،كانت القوات
العسكرية تأتى كل يوم ،ولا أحد يستطيع معرفة
إلى أى جهة تنتمى ،كان السير بخطوات منتظمة على
إيقاع سرى هو الذى يحكم سيرها ،دون أن تجيب
على أية أسئلة توجه إليها ،صاح رجل كأنه هو
الذى يجيب منهيًا حيرة الناس« :هذه كذبتنا عادت
إلينا!!».
كان أهل البلد يقفزون على الرجل لكتم صوته،
وشل لسانه ،لأنهم كانوا يعرفون أن الكذبة لم
تكتمل ،وأن ما يرونه هو مقدمتها فقط!!
( )4الطبع يغلب..
راحت الحمير يو ًما إلى تلك الجميزة الموجودة على
رأس أكبر غيطان البلد ،قال حمار أشهب طويل
السيقان الأربع ،عالى الظهر ،يبدو عفيا« :إياكم
والنهيق حتى لا توقظوا بشر هذا البلد ..عليكم قتل
عادة النهيق فى الفاضى وفى الملآن».
هزت حميرنا رؤوسها ،فتلاطمت أشفارها ،فعاد
الأشهب يحث الآخرين« :بسرعة ..بسرعة علينا أن
نجرب صعود الجميزة قبل أن تفلت منا.»..
همس حماران« :نريد أن نثبت للبشر قدرتنا على
ما يرونه مستحي ًل ،سيصبح المثل الذى يلوكونه
صبا ًحا ومسا ًء كفشلة لا معنى لها ..هيا ..هيا.»..
أبعدت حمارة بين ساقيها الخلفيتين ،وأرخت
ظهرها ،جرت بقية الحمير تتشمم ،وترفع رأسها
عاليًا ،قالبة لشفرها نحو مشمها ،ساحبة للهواء
المحمل بالرائحة نحو رئتيها ،كان الحمار الأشهب
يسابق ،استعمل رفساته ،وعضاته ليصل إلى منبع
السيل ونجح فى هذا ،بدا بعد أن غزت الرائحة
منابت مشاعره كمن حصل على وجبته من المزاج
عالى الانسجام ،فأطلقها عالية ،رجت الفضاء،
فتبعته الحمير كلها فى النهيق ،متخلصة من رغبة
طال حبسها ،جعلت الجميزة تسقط بعض ثمارها!!
قال غراب لبومة كانا بين أغصان الجميزة
يراقبان ما يحدث« :أنت تدينين لى بفأر حقل مما
تصطادين.»..
تذكر شيئًا فصاح مستنك ًرا« :أكنت متيقنة بالفعل
من صعودهم الجميزة؟!».