Page 78 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 78
العـدد 28 76
أبريل ٢٠٢1
وهى مازالت فى مهدها فكرة تحاول الفقس داخل
رأسه ،فقال :الرغبة تشبه رأس سهم يخترق
الفراغ ولكنه محدد الهدف ،بينما الحاجة تشبه
دائرة واسعة لا أحد يمكنه تحديد النقطة الأولى على
محيطها التى بدأ منها هذا المحيط تكوينه ،السعى
واحد فى الاثنين حتى هذه الحكاية الصغيرة يمكنها
إضاءة ظلام المعنى ،حاول الليل شكاية النهار إلى
الشمس ،ولكنه لم يستطع مقابلتها أب ًدا ،فظل دائ ًرا
فى فلكه رغم معاناته الأبدية من تبدده المتكرر أمام
سطوة النهار ،هناك من يقابل رغبته برغبة آخر،
فتتصادم الرغبتان ،من الغرابة أن هذا التصادم لا
ينهى التوق إلى أن يكون الآخرون مثلك مع علمك
أن هذا لا يمكن ،وكأن هذا الوضع صار أمثولة على
وجود الحياة ذاتها ،يستمر باستمرارها ولا انتهاء.
كان الغريب يتجول بعينيه ،تروح وتجيء على وجه
قائل كل هذه الحكم ،أما وجهه هو فقد ارتسمت
فوقه دهشة وتكشيرة ،وهو يقول« :أنت تشطح
بعي ًدا عن مركز أزمتنا ،هل نستعيض عن الحياة
بكل هذه الأقوال الحمقاء؟!».
تلفت حوله فوجد نفسه فى صحراء قاحلة ،ولا
أحد!!
( )3الحياة ..الحرب
استطاع بلد ما أن يؤلف كذبة صغيرة ،ثم نجح فى
تسريبها إلى بلد مجاور ،ارتفعت بعض الأصوات
معترضة« :لماذا نكبد أنفسنا اختراع كذبة؟! البلد
المجاور تاريخه معنا لا غبار عليه!!».
هون الآخرون من الأمر« :الكذبة غير مؤذية».
«ولكن لها عواقب بالتأكيد».
هذا الاعتراض لم يفعل شيئًا إذ أن الكذبة كانت
رحلت ،ولم يعد فى الإمكان الإمساك بها ،بعد يوم
أو يومين لاحظ سكان البلد دخا ًنا يتصاعد فى سماء
البلد المجاور ،بعدها همدت كل الأصوات التى كانت
تأتيهم عبر الفضاء المشترك بين البلدين ،من أقصى
نقطة واقعة على الحدود اندفعت قوة عسكرية تسير
بخطوات منتظمة ،ظلت تجوب الشوارع ،ولا تتوقف
للراحة أو لقضاء الحاجة ،راقبتها العيون ،وتحركت
الألسنة« :إنهم يمتلكون طاقة غير بشرية!!».