Page 100 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 100

‫العـدد ‪25‬‬                             ‫‪98‬‬

                                                                ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

‫محمد سالم مهدي‬

‫(السودان)‬

‫حديث النائم‬

‫الكلاشنكوف‪ ..‬على ذراعي تزده ُر حضارة القتل‪ ..‬سكين‬           ‫الهجوم الذي تعرضت له من قبل الجيش الشعبي في‬
              ‫طويلة مغمدة على وطن من جلد البشر‪.‬‬               ‫صحراء الموت كان كفي ًل بنسف عشيرة كاملة من‬

   ‫سأهتف عاليًا؛ قررت ذلك لكن بهذا ستب ُطل صلاتي‪..‬‬       ‫الأبطال‪ .‬لكنني نهضت من موتي مترن ًحا بكامل الثبات‪..‬‬
    ‫سأفتقد عشيرتي المسلمة‪ ..‬سأفقد نفسي بالأحرى‪..‬‬         ‫متج ًها صوب خي ٍط هزيل‪ ..‬قائ ًما على كهف القلب المثقوب‬
  ‫لا أحب أن أكون رفيق السرعة‪ ..‬دائ ًما أمارس التروي‬
    ‫في كل فعائلي؛ حتى في صلاة الخوف أكون في كامل‬                                          ‫بنواعم الحديث‪.‬‬
‫التأني‪ ..‬في صلاة الحرب لا أخاف أب ًدا‪ ..‬لا أحب الهروب‬    ‫خطواتي رفيقة الدرب‪ ..‬الدرب رفيق خطواتي وصلواتي‬
   ‫إذا زحف الجيش؛ ومن أجل ضمان هذه النقطة‪ُ :‬قدت‬
    ‫الدبابة‪ ..‬وقفت بها بين صخرتين ضخمتين تشبهان‬               ‫متباعدة الأوقات‪ .‬آخر مرة صليت فيها كانت قبل‬
‫خرطوم الفيل‪ ،‬أزهقت روحي وقوتي وأنا أحاول دحرجة‬              ‫دخولي للحدود الفاصلة بين ميدان المعركة ومساكن‬
     ‫الصخرتين نحو إطارات الدبابة لتكونا مثبتتين لها‬        ‫المدنيين الذين استقبلوا جسدي بينهم وقدموا النصح‬
                                                          ‫الكثير لأذني الطائشة‪ ..‬كالعادة أكره النصح والإرشاد‬
                  ‫ومانعتين للهرب من تقتيل الأعداء‪.‬‬
‫وقف جيش الأعداء‪ ..‬وقف جيشنا‪ ..‬وقفت شوكة الخوف‬                                ‫وأعتبرهما استفزا ًزا غير مبرر‪.‬‬
                                                             ‫دون شعور مني حملت إبري ًقا صنعوه من الفخار‪..‬‬
    ‫في حلق أمي التي في البعيد؛ لقد مرت سبعة فصول‬          ‫توضأت؛ نبهني طفل صغير أن الاتجاه الذي أصلي فيه‬
‫مطرية وأنا لم أذهب أو أرسل إليها رسالة ُتو ِقف وجيف‬        ‫خطأ ويتوجب عليَّ تغييره‪ ..‬عاندته وظننته يلهيني عن‬
                                                          ‫صلاتي القدسية بالوادي المموت طوى‪ .‬كان هو الآخر‬
                                          ‫قلبها‪.‬‬
     ‫هتاف‪ ..‬ضجيج مرتب‪ ..‬خليط من المقاتلين‪ ..‬جماعة‬                          ‫أكثر عنا ًدا وتمس ًكا بما يريد فعله‪.‬‬
  ‫من أهل المقتول‪ ..‬جماعة من أهل القاتل‪ ..‬جماعة من لا‬     ‫أخرج لو ًحا قدي ًما ثم قرأ خمس آيات ثم دعا ربه ثم قرأ‬

                                        ‫جماعة‪.‬‬                            ‫أحاديث ثم و َّل وجهه شطر النجاة‪.‬‬
‫جماعة تبكي دون دمع؛ لقد انتهى دمعهم‪ ..‬ج َّفت حلوقهم‬       ‫سمعته يقول‪« :‬فمن لم يستطع فبقلبه‪ ..‬فمن لم يستطع‬

   ‫من الهتاف‪ ..‬سكنت في حدود الميادين الحربية جماعة‬                                               ‫فبيده»‪.‬‬
  ‫تشبه الموت‪ ..‬رحلت من المساكن الشعبية جماعة تشبه‬           ‫ارتجف السمع‪ ..‬تبدلت التوقعات‪ ..‬تغيرت المؤثرات‪..‬‬

                                         ‫الحياة‪.‬‬                 ‫تبددت سحائب السماء لترضع الأرض بدمي‪.‬‬
‫قال الطفل نيابة عن النعامة‪ :‬الجبن ليس شيئًا محد ًدا لأن‬     ‫قذف الطفل صخرة حجرية مص َّوبة بزاوية الصفر‪..‬‬

                 ‫القاتل قد يكون أكبر جبان في العالم‪.‬‬                 ‫مباغتة للانبطاح‪ُ ..‬مراقبة لطول السجود‪.‬‬
                                                             ‫كنت ساج ًدا وعلى جانبي أضع ذخيرتي المعبأة على‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105