Page 95 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 95
93 إبداع ومبدعون
قصــة
مع شذرات الضوء والألوان ،وضعت الكأس أمامي سوف أنصت بشغف وطرب لشدو عصفوريها!
بانحناءة أشد أنوثة من سابقتها ،فسألتها متى أطالت النظر داخل عين ّي ،وساد صمت بيننا ،مما
أفسح المجال للعيون أن تشتاق وتستحوذ وتصرخ
تفرغين من عملك؟ فأجابت بابتسامة عذبة ماكرة:
-نصف ساعة من الآن. وتتأوه ثم تتلذذ وتنتشي ،وأنا مضطجع على
الأريكة أمام طاولتي وساق ّي يتباعدان روي ًدا روي ًدا،
اعتدلت؛ ثم ضمت الصينية إلى صدرها الناهد فزاد
نفو ًرا وأطل بزهو ناحيتي ليزيدني ول ًعا وشب ًقا ،ثم حتى أفاقت النادلة من نشوتها ورفعت الكأس
ووضعته على صنية تحملها بيسراها ثم انصرفت،
مالت في دلال برأسها ناحية كتفها ،فزادها الدلال وأنا أتأمل تنورتها السوداء القصيرة ،التي تغطي
جما ًل ،وهي تنثني بركبتيها إلى الأمام قلي ًل ،تحية
منها للإمبراطور الجالس أمامها ،وحين انصرفت بالكاد ما بعد السرة بشبر واحد! والساقان رغم
أنهما ليسا غليظين ،إلا أنهما يقبضان على أنوثة
كانت أنوثتها تفوح من كل جسدها ،يشهد على
هذا -التليفون -الذي يحتفظ بصور لأجمل خصر فرنسية مذهلة!
أمسكت الهاتف ،وجهزت الكاميرا على وض ٍع يتيح
وأشهى قوام! لي اقتناص صورة لهذه التنورة التي تستقر على
أخرجت من جيبي حافظة نقودي المنتفخة، الساقين كالتاج المرصع بالماس والأحجار الكريمة!
ووضعتها على الطاولة ،وجعلت الميدالية الذهبية
التي يتدلى منها مفتاح سيارتي «المرسيدس» ممددة جاءت النادلة ومعها كأس يفيض بما فيه ويلمع
بجوار المحفظة ،ليخطف بريق العلامة التجارية
للسيارة بصرها بلونه الذهبي الخالص ،ناهيك عن
تأثير اسم السيارة الألمانية في النفوس المتعبة!
أشرت إليها من بعيد أن تحضر فاتورة الحساب،
فجاءت بعينين نهمتين ،تسمرتا على المحفظة
والميدالية الذهبية ،لهذا و َضع ْت حافظة الحساب
الجلدية بجوارهما ،وقالت وهي تحاول أن تجذب
عينيها بعي ًدا عن أشيائي الثمينة الملقاة على الطاولة!
-يا ريت حضرتك تكون انبسطت معانا ،ونشوفك
ُقريب .ثم انصرفت لتقف على مسافة تسمح لها
برؤية المحفظة حين أفتحها!
أخرجت كل ما معي من نقود ،ووضعت الحساب
المطلوب داخل الحافظة الجلدية ،وتركت لها مبل ًغا
ليس بقليل تحية لها على خدمتها الفائقة .ثم سحبت
مندي ًل ورقيًا بجواري وسجلت عليه اسمي ورقم
التليفون ،ثم وضعته بحذر داخل حافظة الحساب
والتفت إليها مبتس ًما كأنني أقبلها!
كانت تراقبني ،وقد ظهر التوتر باد ًيا على وجهها
وخطواتها ،حين جاءت لتلتقط الحافظة من بين
يدي ،وتعثرت قدماها وهي تسحب المنديل من
داخلها برفق ،حيث قبضت على المنديل بقوة ثم
رفعت تنورتها قلي ًل ،لتدسه في طرف الجورب الذي
يقبض على فخذها بعنف وشبق!